الدكتور ايمن سلامة –
الأول نيوز – تَبنت ميليشيات “أولياء الدم “الشيعية المدعومة من إيران مسؤوليتها عن الهجوم الصاروخي الذي وقع صباح أمس في مطار أربيل الذي تتواجد فيه القوات الأمريكية ، و هي المرة الأولى منذ ما يقرب من شهرين التي تستهدف فيها مثل هذه الصواريخ منشآت عسكرية أو دبلوماسية غربية في العراق ، و كانت ميليشيات ” أولياء الدم ” تهدد مرارا عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعمليات هجومية تستهدف “الاحتلال الأمريكي للعراق”.
و بالرغم أيضا من صعوبة الجزم بالتوصل للجهة المسؤولة عن ذلك الهجوم و بواعث و أهداف هذه الجهة في ظل إخفاق الهيئات المعنية في إقليم كردستان الكشف عن الجهة المسؤولة عن الهجوم الصاروخي المماثل لذات الهجوم في شهر أكتوبر من العام الماضي ، لكن يكاد يُجمع المحللون المراقبون علي الدلالة المميزة لتوقيت الهجوم وطبيعته ، و الذي يستهدف بالأساس العسكريين الأمريكيين في المطار .
مقارنة بأقاليم العراق المختلفة تنعم كردستان باستقرارها السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي ، بل أن معدلات التنمية الاقتصادية و السياسية و الازدهار في الإقليم تشهد دوما ازديادا مضطردا ، فمن شأن مثل هذه الحوادث أن تشكل خطورة مداهمة بسلم و أمن الإقليم ، وربما يؤثر الحادث علي السلم والأمن في المنطقة برمتها كما أشار حاكم الإقليم فضلا عن منظمة الأمم المتحدة وفق مسؤوليها .
لا شك أن السلطات الفيدرالية العراقية و السلطات المعنية في إقليم كردستان قد أخفقتا في سد الثغرات و الفجوات الأمنية ذات المساحة الكبيرة علي خطوط التماس بين الحدود الإدارية الجنوبية لإقليم كردستان و الحدود الإدارية الأخرى لمحافظات و أقاليم التماس العراقي مثل كركوك وسنجار منذ عام 2017 ، فقد ظهرت فجوات أمنية كبيرة بين مواقع القوات الفيدرالية والبشمركة الكردية في المناطق المتنازع عليها ، مثل كركوك وسنجار ، وشكلت هذه الفراغات الامنية بيئة حاضنة ونطاقا رحبا لميليشيات و جماعات مسلحة إرهابية مثل داعش فضلا عن ميليشيات شيعية مدعومة من إيران ، فاستغلت هذه الميلشيات و الجماعات المسلحة هذه الفراغات الخطيرة وقامت بشن هجماتها ذات الصبغة و الرسالة السياسية علي القوات و المصالح الأمريكية .
يعتبر هذا الهجوم هو الخرق الأول للهدنة التي أقرتها الميليشيات الشيعية الموالية لطهران في أكتوبر 2020 في سياق هجماتها وتهديداتها المتواترة للمصالح الأمريكية في العراق ، في حين أن الهجمات التي استهدفت أربيل كانت نادرة ، حيث نفذت الميليشيات الشيعية الموالية لإيران عشرات الهجمات منذ خريف 2019 ضد منشآت عسكرية ودبلوماسية أمريكية ، وكذلك ضد قوافل عسكرية ، ولم تذعن الولايات المتحدة الأمريكية لتلك الهجمات المهددة لقواتها ومصالحها هي ومصالح حلفائها و أصدقائها في المنطقة كما تردد دوما الولايات المتحدة ، فكان الانتقام الأمريكي شديدا حين اغتالت الجنرال الإيراني قاسم سليماني في بغداد في 3 يناير 2020 ، فتوالت الهجمات التي شنتها الميليشيات الشيعية الأكثر ولاءً لطهران ، مثل كتائب حزب الله و عصائب أهل الحق ضد القوات و المصالح الأمريكية في العراق .
بالنظر للغياب الواضح في التنسيق بين الهيئات والمؤسسات التنفيذية في العراق و إقليم كردستان ووجود بعض القوات والجماعات المسلحة خارج قيادة وسلطة الحكومة الاتحادية ، فقد زادتالتوترات في الإقليم الكردستاني في الآونة الأخيرة ، لذلك أضحي ذك التنسيق لزامًا علي كافة الهيئات و المؤسسات إن أرادت الأمن و الاستقرار في كل العراق .
إن الهجمات الأخيرة المتزامنة علي مطاري أبها في المملكة العربية السعودية ، وأربيل -كردستان يحملان رسائل ذات أهداف سياسية فيما يتعلق بالصراع الأميركي – الإيراني، ومحاولة اللعب بالورقة الأمنية ضد واشنطن لدفعها نحو تقديم تنازلات في أي مفاوضات مرتقبة بشأن الملف النووي .