الجمعة , مارس 29 2024 رئيس التحرير: أسامة الرنتيسي

عن توحيد الرسوم الجمركية

خليل الحاج توفيق –

الأول نيوز – تابعت الكثير من التعليقات والمنشورات والمقالات حول قرار الحكومة الأخير بتوحيد الرسوم الجمركية على ٤ شرائح بدلا من ١١ وتخفيضها على بعض السلع بنسب متفاوتة وتثبيتها على اخرى .
البعض كانت يهاجم القرار من غيرته على الصناعة المحلية ولكن بعضهم لا يملك دراسة او بيانات حقيقية يبرر بها هجومه وبيان حجم الضرر على الصناعة، ونحن نحترم هذه العاطفة ونقدرها والتي لا يوجد خلفها اية اجندات ، ونحن كقطاع تجاري من اكبر الداعمين لصناعتنا المحلية ولها أولوية كبيرة عندنا.
والبعض هاجم القرار فقط نكاية بالحكومة ومناكفة برئيسها او احد الوزراء كما يحصل في كثير من الاحيان واحد الادلة على ذلك ان البعض لم يركز في القرار ” الذي يقع في ٦٤٤ صفحة ويشمل عشرات الآف من البنود الجمركية ومنها ما هو في صالح المواطن والاقتصاد الوطني.
والبعض غضب لتخفيض الجمارك على الالبسة والاحذية والحقائب والالعاب رغم انه لا يلبس الا من افضل الماركات العالمية ولم يلبس يوما بدلة او قميص او حذاء صناعة محلية ولا يحمل الا الحقائب الفاخرة ولا يشتري لاطفاله الا الالعاب الاجنبية، وهذا حق للجميع كل حسب قدرته المالية ورغباته، لكن لا يجوز للبعض من هذه الفئة التباكي على الصناعة المحلية و المزاودة على غيرها بالوطنية وهي لا تشتري منها اما لعدم وجود صناعة محلية منها او لعدم القناعة بالجودة او من باب ” البرستيج ” .
لم نسمع اي كلمة من الذين امطرونا بالعبارات الوطنية والمزاودات والقلق على الصناعة المحلية والاقتصاد الوطني للمطالبة بوقف سرطان او طوفان ” الطرود البريدية ” التي يتم تداولها عبر الانترنت من مواقع عالمية واقليمية والذي وصل عددها الى ٧٠٠٠ طرد باليوم الواحد ويعاد بيع كثير منها عبر صفحات على الفيس بوك ( تهريب وتهرب الكتروني ) ، والذي سيؤدي الى القضاء على قطاعات اقتصادية وتتضرر منه الصناعة قبل التجارة وبالتالي اقتصادنا الوطني ككل .
وهناك من يريد عبر هذه البوابة الهجومية تحقيق اهداف عدة منها انتخابية او لفت انظار جهات سيادية او لاسباب شخصية ضيقة ومادية او محاولة لحجز حقيبة وزارية او عضوية مجالس ادارة تنفيعية او البحث عن شعبية من خلال ضربة هجومية مزدوجة للتجار ( الحيتان كما تم وصفهم ) والمؤسسات الحكومية.
ان الدفاع عن صناعة اي بلد ليس حكرا على مجموعة من الاشخاص او هيئات او مؤسسات ، كل مواطن في هذا الكون واجب عليه ان يفتخر ويرفع رأسه بكل ما يُزرع في وطنه ويصنع فيه، ويفتخر باي فريق رياضي او لاعب يحرز انجازا او بأي شاب ريادي مبدع وبتراثه وتاريخه وثقافته ومن الخيانة ان يكون الانسان ضد رفع علم او اسم بلده في اي مجال او اي مكان بالعالم .
الحماية الجمركية الابدية او المفرطة وغيرها من اساليب الحماية الكلاسيكية لأي قطاع او لأي شخص لن تعود بالنفع عليه لانه لن يقوم في الغالب بتطوير نفسه ومواجهة المنافسين من الخارج ويتكئ على الحماية لا اكثر .
والواجب على الحكومات هو دعم الزراعة والصناعة ذات القيمة المضافة من خلال تخفيض كلف الانتاج ودعم الصادرات ( دعم نقدي على صادراتنا الزراعية والصناعية حسب الاهمية والقيمة المضافة ونسبة تشغيل الاردنيين ) ، واقامة معارض اردنية في كل دول العالم على نفقة الحكومة وتغطية كامل مشاركة الشركات الزراعية والصناعية المحلية بالمعارض العالمية القطاعية ، وغيرها من اساليب الدعم التي لا يدفع المستهلك ثمنها من خلال فرض جمارك مرتفعة على السلع وتسهم في توفير بيئة خصبة للتهريب والتهرب .
ما لم يتطرق له الكثيرون في انتقاداتهم للقرار وربما لانهم لا يعرفون، أن الحكومة جاملت الصناعة كثيرا في هذا القرار وقدمت حماية ودعم لمصانع كثيرة، والقطاع التجاري غير راضي تماما عن القرار ( الذي تأخر سنوات)، كما يظن الجميع ولكن لا ننكر انه جريء في هذا التوقيت وسينقذ الاف المنشات الوطنية وسيحد من التهريب وينقذ الاف فرص العمل لشبابنا وسيعزز المنافسة والتكاليف ويصب في صالح اقتصادنا .
ان الاقتصاد الوطني هو مجموعة متكاملة من القطاعات تكمل بعضها البعض، وليس قطاع واحد او مجموعة افراد من اصحاب المصالح والنفوذ والصوت العالي، لقد حان الوقت الذي يجب ان يكون فيه الصوت العالي للوطن ومصلحته العليا دون مجاملة لأحد او خوف من اتخاذ قرار ، او الاختباء وعدم القدرة على الدفاع عن القرارات الوطنية الجريئة التي يتم اتخاذها بناء على علم وحقائق وارقام ودراسات واقعية اعدها خبراء غيورين على الوطن.
وفي النهاية السواد الأعظم ينسى المستهلك ( الحلقة الاضعف )، ونتباكى عليه احيانا كثيرة بدلا من حمايته ……القرار عندما يكون وطنياً 100 % فواجب على الجميع التنفيذ ، ولا اعني هنا فقط قرارات جمركية او غيرها وانما ينسحب على كل خطوة تصب بخدمة الوطن.

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

التعليم والمجتمع…الاشتباك من المسافة صفر

الاول نيوز – محمد موسى المرقطن –   منذ مطالع القرن العشرين والتعليم بجميع مساراته …