ما يزال قطاع غزة يشهد أزمةً خانقةً في التيار الكهربائي، وبشكلٍ غير مسبوق من قبل إلى أن وصلت حدة تلك الأزمة لهذا المستوى، الذي تسبب بحالة تذمر كبيرة في الشارع الفلسطيني في القطاع، على المستويين الرسمي والشعبي.
بدا ذلك واضحًا من خلال المسيرات العفوية والفصائلية، التي عمت مُختلف محافظات قطاع غزة، الرافضة للأزمة، والمُطالبة بعدم تسييس ملف الكهرباء وإقحامه في الخلافات السياسية القائمة بين حركتي فتح وحماس أو مع السلطة الفلسطينية ككُل.
الفصائل الفلسطينية، وبعض الشخصيات البارزة، تداعت للقاءات حوارية وتشاورية، لوضع حلول عملية وسريعة لأزمة الكهرباء، والتخفيف من معاناة أبناء الشعب الفلسطيني في القطاع؛ جُل تلك المبادرات وغيرها من المبادرات التي من المتوقع أن تطرحها أطراف فلسطينية وربما دولية، هل ستبقى حبرًا على ورق أم أنها قابلة للتطبيق الفور، وستلقى قبول الأطراف المسؤولة؟!
من بين تلك المبادرات مبادرة طرحتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، خلاصة لقاء حواري شاركت به سلطة الطاقة والفصائل الفلسطينية، تضمنت ثماني بنود، وهي : “إعفاء وقود كهرباء قطاع غزة من ضريبة البلو وكل الضرائب الملحقة الموردة، لمدة 3 شهور وتسهيل تدفق الوقود بكميات كافية لتشغيل المحطة بكامل طاقتها”.
كما تضمنت المبادرة “إعادة تشكيل مجلس إدارة شركة توزيع الكهرباء على أسس وطنية ومهنية وبمشاركة خبراء ومختصين في هذا الأمر، ومتابعة تنفيذ شراء الكهرباء من الخط (161) على أن تعطي شركة التوزيع ضمانات بنكية لتمديد الخط، ولدفع الفاتورة الشهرية، وبموجب ذلك تخاطب الحكومة بنك التنمية للبدء بتنفيذ المشروع، بالإضافة لتطوير وتبديل الشبكة حتى تلاءم الطاقات الجديدة”.
وجاء بها أيضًا التأكيد على ضرورة متابعة توسعة المحطة وتحويلها للعمل بالغاز الطبيعي بدلاً من الديزل، كما تلتزم الجهات المسئولة في غزة بدفع المستحقات عن المؤسسات والوزارات ودور العبادة، وتركيب عدادات مسبقة الدفع؛ وتفعيل نظام الجباية بشكل واسع، وتوفير الكميات المطلوبة من عدادات مسبقة الدفع، وضمان العدالة في التوزيع.
وشددت المبادرة على ضرورة البحث عن تمويل للعمل بالطاقة البديلة، وعلى الجهات المعنية البحث عن تمويل لموضوع الشبكة الجديدة أو الطاقة البديلة، بما في ذلك زيادة كمية الكهرباء من الخطوط المصرية، وطالبت بتشكيل هيئة متابعة وطنية تضم ممثلين عن القوى والقطاع الخاص والحكومة ممثلة بالوزيرين مأمون أبو شهلا ومفيد الحساينة، وممثل عن المجتمع المدني، لمتابعة تطبيق الاتفاق، الذي كان محل إجماع وطني وشعبي، بما يلزم جميع الأطراف بالمباشرة في التنفيذ العملي له.
من جانبه، اقترح القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، خالد البطش، حل مؤقت لأزمة الكهرباء تناغم بعضها مع مبادرة الجبهة الشعبية، شملت إعفاء الوقود من الضرائب؛ تشكيل مجلس أعلى للطاقة وإعادة تشكيل مجلس إدارة شركة التوزيع؛ وفتح المجلس التشريعي تحقيق في دور سلطة الطاقة وشركة توزيع الكهرباء؛ وإجراء مشاورات مع مصر لشراء الكهرباء منها.
فيما، أقترح الناطق باسم حركة حماس فوزي برهوم أن يكون هناك مجلس أعلى للطاقة ولتأتي حكومة الوفاق وتتسلم ملف الكهرباء بالكامل.
بدوره، كشف عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة، عن فحوى المقترحات التي قدمتها الفصائل لوزراء حكومة التوافق الوطني في قطاع غزة، لمعالجة أزمة الكهرباء الطاحنة في القطاع.
وأكد أبو ظريفة أن الفصائل قدمت مقترحين للحكومة، أولهما إلغاء ضريبة “البلو” عن السولار الصناعي الخاصة بمحطة التوليد بالكامل، إضافة لإلغاء كافة الضرائب الجانبية التي تفرضها الحكومة على الوقود المخصص لمحطة التوليد.
بينما، قدمت لجنة الفصائل مقترحات لإنهاء أزمة الكهرباء، أبرزها إعفاء وقود المحطة في غزة من ضريبة البلو التي تفرضها السلطة الوطنية الفلسطينية بنسبة 100% على وقود محطة التوليد.
فيما ذهب النائب في المجلس التشريعي محمد دحلان، في حله للأزمة، إلى ضرورة التداعي من خلال التشريعي لعقد جلسة طارئة لبحث ملف “أزمة الكهرباء” في قطاع غزة؛ كخطوة مبدئية للإسهام في إنقاذ الفلسطينيين في قطاع غزة، على أن تُعقد خلال 24 ساعة وتُخصص فقط لملف الكهرباء.
ودعا دحلان المجلس التشريعي لتحمل مسؤولياته القانونية والرقابية وتشكيل لجنة خاصة “لجنة أزمات” تضم أخصائيين موثوقين، مكلفة ومفوضة بصلاحيات وضع الأطر والتواصل فوراً مع الدول المانحة لشرح ما يجري في غزة، ولبحث سبل تحويل جزء من أموال المانحين لحل أزمات الكهرباء والماء والفقر في القطاع.
في مُقابل ذلك تبذل قطر وتركيا جهودًا حثيثة في إنهاء أزمة الكهرباء؛ وتوقعت مصادر أن ترسل الأخيرة شحنة وقود قريبًا لمحطة توليد غزة؛ في الوقت الذي أعلن فيه السفير القطري محمد العمادي، رئيس لجنة إعادة إعمار غزة، في أحدث تطور لملف الأزمة، أنه اتصل هاتفياً بالمهندس ظافر ملحم، القائم بأعمال وزير سلطة الطاقة برام الله، وأبلغه بتعهد سمو أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بدفع مبلغ 4 مليون دولار شهرياً ولمدة 3 شهور، لدعم قطاع الكهرباء بغزة، للتخفيف العاجل من معاناة أهالي القطاع.
ويحتاج قطاع غزة إلى 400 ميغاوات من الكهرباء، لا يتوفر منها إلا 212 ميغاوات، تقدم “إسرائيل” منها 120 ميغاوات، ومصر 32 ميغاوات وشركة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة 60 ميغاوات، وفق أرقام رسمية.
ويعاني قطاع غزة، الذي يعيش فيه نحو 2 مليون نسمة، منذ 10 سنوات أزمة خانقة جراء انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة تصل لـ18 ساعة يوميًا عند توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة عن العمل، و12 ساعة خلال باقي الفترات.
سلطة الطاقة وشركة التوزيع بدورها رحبت بأي مُقترح من أجله يُنهي الأزمة القائمة والخانقة في القطاع؛ فيما اعتبرت الفصائل أن معظم ما قُدم من حلول هي ترقيعية مؤقتة، لا تُقدم حلاً جذريًا للأزمة القائمة، ويجب البحث في حلول عملية متوسطة أو بعيدة الأمدة، وهي التي ترتكز على الحلول الاستراتيجية.
شاهد أيضاً
ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين في قطاع غزة إلى 190 شهيدا منذ بدء حرب الإبادة
الأول نيوز – ارتفع عدد الشهداء الصحفيين في قطاع غزة إلى 190 صحفيا منذ بدء …