لم يكن يتوقع احد ان لا يقر مجلس النواب قانون الموازنة، حتى عندما وجه سؤالا قبل أيام إلى سياسي كبير، ماذا لو لم يقر المجلس قانون الموازنة ما هي الخطوة التالية؟ أجاب بوضوح إن ذلك يضع مستقبل المجلس محل سؤال، وفُهم من الإجابة أن هذا تهديد مبطن أن تصل الأمور إلى حل المجلس!.
في ايام مناقشة قانون الموازنة تحركت الماكنة الرسمية بكافة اتجاهاتها وزيتت مُسنَّنات المجلس، خاصة الغاضبين منه، فخرجت النتيجة مثلما خرجت في النهاية وبعد وصلات غضب خرج بعدها نواب محتجين على آلية التصويت، وطريقة تمرير قانون الموازنة.
لن تنتهي مشكلة البلاد بعد اقرار الموازنة، ولن تنفع كل محاولات رئيس الوزراء تجميل قرارات رفع الاسعار والضرائب حتى لو وصلت الاستثناءات إلى أكثر مما تم استثناؤه، وسوف تبقى الأزمة مفتوحة لأن المواطن يعرف حجم الزيادة التي ستقع على معظم مناحي الحياة، خاصة المعيشية منها.
خلال الأسبوعين الماضيين استمعت الى مداخلات عديدة من كبار صناع القرار في البلاد، شخصوا فيها طويلا كل ما يُجرى، لكن يكتشف المراقب أن الرؤى غير متطابقة، وطريقة التفكير ليست واحدة، بل ومتعارضة، وغير منسجمة، ولا يوجد مطبخ حقيقي لصنع القرار.
هذا يفتح على فكرة تشكيل خلية وطنية يناط بها البحث في قضايا وتحديات المجتمع الاردني خصوصًا الظواهر السلبية في الاردن، تعمل على تشخيصها والوقوف على أسبابها ووضع الحلول الجذرية لها.
الفكرة ليست جديدة وطرحت سابقا، لكن الجديد فيها اعتراف السلطات القائمة بصيغتها الحالية أنها لم تتمكن من حل مشاكل البلاد، لا بل وتقف عاجزة عن حل مشاكل أمنية لا تزال متدحرجة منذ اكثر من شهر.
وجود هذه الخلية بات مطلبا نتيجة ما وصلت اليه الاحداث في البلاد، فلا بد من تجديد عقل الدولة، بتوسيع قاعدة المشاركة والمساهمة، والتوقف عن استثناء من لا يتوافق مع “سيستم النظام“، او خارج علبة المشاورات والتشكيلات.
نحتاج الى نقلة نوعية في ادارة شؤون البلاد، وفي طبيعة تركيبة السلطات القائمة، لان الازمات التي نمر بها غير مسبوقة، وليست عابرة بحيث تتم معالجتها بصفقات تعودنا عليها، وضحايا من كافة الأوزان.
تجديد عقل الدولة، يحتاج الى مشاركة خبرات سياسية واقتصادية واجتماعية متخصصة اثبتت نجاحات في مجال اختصاصها، لكنها غائبة عن تقارير البطانات، وان حضرت في التقارير فان الغيرة والحسد وتكسير النجاحات حليفها.
شاهد أيضاً
الوفاء غائب ولغة التخوين والحقد حاضرة
أسامة الرنتيسي – الأول نيوز – الوفاء؛ الصفة الغائبة عن مجتمعنا منذ سنوات، رافقها …