رسائل في جيب الملك من النخب وليس من الفقراء

في الاحتفالات الكبرى وفي لقاءات رأس الدولة مع فعاليات المحافظات بحضور رموز الدولة وقياداتها، وحضور النخبة وعلية القوم، يلفت النظر دائما حجم الرسائل والأوراق التي يسلمها مدعوون إلى جلالة الملك، وعدد الذين يقدمون شكاوى أو ملاحظات.
إذا كانت نخب البلاد تعاني من مشاكل وقضايا ولا ترى إلا في رأس الدولة ملجأ للحل، فكيف بالبسطاء الذين لا يستطيعون الدخول إلى مكتب مدير تنمية اجتماعية في محافظة، أو الوصول إلى مكتب متصرف؟!
لقد شاهدت شخصيات وازنة، ونخبا عليها العين، ونوابا يضعون ورقة في يد جلالة الملك، أو يهمسون بالسر في أذن جلالته، ليقوم احد رجال القصر بأخذه من يده إلى مكان ما، أو استلام الأوراق منه.
إذا كانت هذه الأوراق والطلبات من اجل قضايا عامة، فالمؤسسات والدوائر الرسمية والقائمون في السلطة التنفيذية هم العنوان لهذه القضايا، ولا يجوز إشغال رأس الدولة فيها، فلدى جلالته من القضايا المصيرية، وما يتعلق بمستقبل البلاد والمنطقة ما تعجز عن القيام به المؤسسات الرسمية الأخرى.
لكن قناعة جميع الأردنيين، البسطاء منهم والنخب، بأن أية قضية أو مشكلة إذا لم تصل إلى رأس الدولة فلن تجد لها حلا.
هذا يفتح على الأوضاع التي وصلت إليها مؤسسات الدولة والقائمون عليها، وطرق الحوار مع الناس، بحيث يجري حوار يشبه حوار الطرشان، إن كان في المواضيع السياسية، وغض الطرف أو كان في المواضيع الاقتصادية، وعلى قاعدة “مخصنيش..” في القضايا الاجتماعية.
رسائل الناس البسطاء إلى رأس الدولة هي في المحصلة حلم حياة بالنسبة لهم، بحيث تتبدل حياتهم بعدها، ويحصلون على ما يريدون بسهولة ويسر، وما يريده حلم البسيط، لا يتعدى تعليم طالب، او بناء غرفة ومنافعها، أو علاج لمعلول أنهكه المرض، أما النخب، فإن طلباتهم كبيرة، وشكواهم تكون بعد أن استنفدوا كل الطرق والوسائل، المشروعة وغير المشروعة، مع المؤسسات والمسؤولين، وفيها بالضرورة منفعة مجزية لشخصه الكريم.
الرسائل في جيب الملك، مهمة جدا، وخاصة اذا كانت من جهات شعبية، موثوقة، فهي اكثر دقة ومصداقية من تقارير رسمية، وفيها نبض الناس الحقيقي و أوجاعهم، أما رسائل النخب، وهي بالمجمل خاصة، فهي استغلال لفرصة التشرف بلقاء الملك، من اجل زيادة منفعة، أو الوهم بحماية من نوع آخر.
 

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

الوفاء غائب ولغة التخوين والحقد حاضرة

أسامة الرنتيسي –   الأول نيوز – الوفاء؛ الصفة الغائبة عن مجتمعنا منذ سنوات، رافقها …