الحكومة تستفزُّ الشارع ولا تقدِّم حلولاً اقتصادية

أسامة الرنتيسي –

قد تجد الحكومة اليوم الاحد نفسها في ورطة غير متوقعة من قبل مجلس النواب في الجلسة التي من المتوقع (إن قيض لها الانعقاد ولم يتم تهريب النصاب) ان تشتعل بالخطابات الرنانة من قبل اعضاء يسنون سلاحهم الخطابي للهجوم على الحكومة وقراراتها برفع اسعار المحروقات وما تنوي اتخاذه من قرارات اقتصادية صعبة.
الجلسة سوف تعقد برئاسة النائب الاول لرئيس مجلس النواب المهندس خميس عطية بعد ان غادر الرئيس المهندس عاطف الطراونة الى دبي في زيارة لم ترق في توقيتها لاصحاب القرار.
ليست قضية الاسعار لوحدها سوف تفتح النار على الحكومة من قبل النواب، بل هناك ايضا قضية تعيين رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي الجديد الدكتور مصطفى حمارنة، الذي كان قد هدد نواب الحكومة بضرورة عدم تعيين من لم يحالفه الحظ في الانتخابات بمناصب عليا.
وفي قضية رفع الاسعار والضرائب المنتظرة، فلا يمكن فهم العقلية التي تفكّر بها الحكومة، وبخاصة في الجوانب الاقتصادية، فهي لا تقدم أي حلول جادة للأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة التي تجتاح البلاد، أما إذا كان الأمر متعلقاً بالضغط على الفقراء وذوي الدخل المحدود، وتهديدهم برفع ألاسعار والضرائب.. فنجدها أفصح من سحبان وائل.
التوترات الاجتماعية التي تتململ تحتها أعداد كبيرة من الأردنيين، وأحداث العنف التي تقع في مناطق كثيرة وشبه يومية، وشكاوى المستثمرين العميقة والقاسية، سببها الأول والأخير السياسات الحكومية بعناوينها المختلفة.
ولو تناولنا الأمر من منطق عملي فإننا نتحدّى أي خبير اقتصادي، أن يقدِّم رؤية أو استشارة أو تحليلاً عن كيفية تدبير المواطن الأردني -الموظف في الدولة أو القطاع الخاص الذي يحصل على راتب حسب المعدل العام لرواتب موظفي الدولة بمعدل 500 دينار لأسرة مكونة من خمسة أفراد- أموره طيلة الشهر؟ طبعاً؛ سوف يحتج كثيرون، ويقولون: وما مصير مَن لا يحصل على نصف هذا المبلغ حسب الحد الأدنى للأجور في الأردن (190 ديناراً)، أو الذي يعمل ولا يحصل على راتبه بانتظام، أو الذي لا يجد عملاً ضمن جيش المتعطلين من العمل في سوق البطالة؟
لا أفهم بالاقتصاد، مثل كثيرين غيري، لكن لو سألت قيادات الدول النفطية عن الوضع لديهم وسط بحر الخسائر التي مُنيت بها موازناتهم، فلربما لن يعرفوا كيف يجيبون، ولو سألنا القادة الأوروبيين فإنهم هم أيضاً لم يعودوا يعرفون كيف يعالجون أزماتهم المتلاحقة.. والشيء نفسه في آسيا، حيث ثمة تحذيرات من أن انهيارات اقتصادية في عدة دول، حتى اليابان وجدت نفسها مقترضة أكثر من إنتاجها القومي، فشعار العالم الآن: اقترض ولا تسدد.. بل ارفع سقف الاقتراض.
ليس ثمة معادلة اقتصادية تحكم ما يحدث عالمياً؛ لأن ما يحدث لا علاقة له بعلم الاقتصاد، لأن الاقتصادات الدولية بدءاً من أميركا وصولاً إلى اليابان مروراً بأوروبا لم تكن على أسس اقتصادية، بل على أكاذيب وطباعة عملات ورقية غير مدعومة اقتصادياً، ولهذا يهبط سعر الذهب إلى أدنى مستوياته منذ عدة سنوات، كما يهبط سعر النفط إلى 50 دولاراً للبرميل، بعد أن تاجر داعش بالنفط، فيبيعه بسعر 30 دولاراً، لأن الاقتصاد العالمي مبني على الوهم، وعملاته ليست ذات قيمة حقيقية، والاقتراض هو سمة العصر الاقتصادي.
رخاء الدول الصناعية الكبرى الاقتصادي كأميركا مثلاً بُني على باطل من التقديرات الاقتصادية الكاذبة، وهذا يُعيد إلى الذاكرة نكتة توضح كيف أن الاقتصاد العالمي بني على خدعة الاقتراض والوهم.
يُحكى أن سائحاً أميركياً ذهب إلى فندق في إحدى الدول، وطلب استئجار غرفة، ووضع أمام صاحب الفندق 100 دولار، وطلب معاينة الغرف لاختيار واحدة.. فأعطاه الموظف المفاتيح ثم أخذ المئة دولار وخرج ليسدد بها ديناً للجزّار، فأخذ الجزّار المئة دولار وتوجّه إلى تاجر المواشي وسدّدها من حساب دين بينهما، فتناول تاجر المواشي المئة دولار وذهب إلى تاجر الأعلاف ليسدد ثمن علف اشتراه، فالتقط تاجر العلف المئة دولار وتوجه إلى امرأة ليل، فدفع لها المبلغ لقاء “خدمات سابقة”، فتناولت المرأة المئة دولار وسارعت إلى صاحب الفندق لتسديد أجرة غرف استأجرتها لزبائنها في أيام سابقة، ففرح صاحب الفندق بالمئة دولار، وهنا نزل السائح الأميركي وقال لصاحب الفندق: إن غرف الفندق لم تعجبه، واستعاد المئة دولار ومضى!!
 
 

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

مطالبة باعتماد “المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع” مظلة وطنية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة

الاول نيوز  – أوصى مشاركون في ختام أعمال منتدى المشاريع الصغيرة والمتوسطة الأول بضرورة اعتماد …