الأول – يحيي الأردنيون الثلاثاء السابع من شباط، الذكرى الثامنة عشرة ليوم الوفاء والبيعة، ذكرى الوفاء للمغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، والبيعة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الذي تسلم سلطاته الدستورية في السابع من شباط عام 1999 ملكاً للمملكة الأردنية الهاشمية.
ويستذكر الأردنيون يوم رحيل الملك الباني، الحسين بن طلال، بعد مسيرة حياة حافلة بالعطاء والإنجاز على مدى سبعة وأربعين عاماً، عاشها الحسين إلى جانب أبناء شعبه الوفي لبناء الأردن الحديث، وخدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية.
وبكل همة وعزيمة وإصرار، يقف أبناء الأسرة الأردنية الواحدة صفا واحدا خلف قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، وهو يواصل مسيرة البناء والتحديث والتنمية والإصلاح على نهج آبائه وأجداده من بني هاشم.
فحينما تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، كان يعلن بقَسَمه أمام مجلس الأمة، العهد الرابع للمملكة، حاملا أمانة المسؤولية من أجل رفعة الوطن وتقدمه.
“عرفت فيك، وأنت ابني الذي نشأ وترعرع بين يدي، حب الوطن والانتماء إليه، والتفاني في العمل الجاد المخلص، ونكران الذات، والعزيمة وقوة الإرادة وتوخي الموضوعية والاتزان والاسترشاد بالخلق الهاشمي السمح الكريم، المستند إلى تقوى الله أولا، ومحبة الناس والتواضع لهم، والحرص على خدمتهم والعدل والمساواة بينهم”، بهذه الكلمات وصف جلالة الملك الراحل الحسين، نجله جلالة الملك عبدالله الثاني، في رسالته الأخيرة التي بعثها لجلالته.
في يوم الوفاء للحسين، يستذكر الأردنيون زعيما عظيما كرس حياته لخدمة وطنه وشعبه، وأمته العربية والإسلامية وقضاياها العادلة، ففي ذكرى رحيله، نستذكر سجلا تاريخيا لمسيرة الدولة الأردنية منذ اعتلائه عرش المملكة الأردنية الهاشمية في 11 آب 1952، وتولّيه سلطاته الدستورية في 2 أيار 1953.
واستطاع جلالة الملك الراحل أن يحقق أعلى مستويات النهوض في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأن يكون الباني لأردن الاعتدال والوسطية ويحقّق الحياة الفضلى لشعبه، مثلما واصلت المملكة في ظل قيادته أداء دورها العربي والإقليمي والدولي باقتدار وتكامل وتأثير ورؤية للمستقبل.
فمنذ خمسينيات القرن الماضي، أقدم الملك الراحل على خطوات شجاعة ومؤثرة لخدمة الأردن، كان في مقدمتها تعريب قيادة الجيش العربي عام 1956، وإلغاء المعاهدة البريطانية عام 1957 لإكمال السيادة الوطنية والاعتماد على الذات في مواجهة التحديات والسير على طريق المستقبل، والتأسيس المدني والدستوريّ السياسيّ لمواكبة التطوّر المدنيّ والحضاري.
واصطف الأردنيون خلف قائدهم الحسين، طيب الله ثراه، لبناء دولة المؤسسات الأردنية وتحقيق التنمية والتحديث، في مختلف المجالات الاقتصادية والعمرانية والعلمية والثقافية.
حرص الحسين على التواصل مع أبناء الأسرة الأردنية الواحدة، يتفقد أحوالهم ويتلمس احتياجاتهم، ويوعز بتنفيذ المشروعات التنموية وتوزيع مكتسباتها بعدالة على الجميع.
وكانت القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، والأجهزة الأمنية محط رعاية واعتزاز الملك الحسين، لتبقى درعا منيعا في حماية حدود الوطن وصون منجزاته، حيث شهدت في عهده تطوراً في مجالات التدريب والتأهيل والتسليح، وكان لها إسهاماتها في مسيرة البناء والتنمية وحفظ السلام.
واضطلع الأردن في عهد الملك الراحل بدور محوري في دعم جامعة الدول العربية، والالتزام بقراراتها، وتأييد كل ما من شأنه تعزيز التعاون والعمل العربي المشترك، ودعم القضايا العربية، خاصة القضية الفلسطينية للوصول إلى حل عادل وشامل، يحفظ كرامة الأمة ويعيد الأرض لشعبها مقابل سلام يعم المنطقة بأكملها. وكان الأردن دوما في طليعة الجيوش العربية أثناء مواجهاتها العسكرية التي خاضتها للدفاع عن فلسطين.
كما حقق الأردن، بقيادة جلالة الملك الراحل، انتصارا في معركة الكرامة الخالدة عام 1968، التي تم فيها كسر أسطورة الجيش الذي لا يهزم.
وكان الملك الحسين رجلَ حرب وسلام، بما امتلكه من شجاعة ورؤية استشرافية، فمثلما كانت معركة الحرب التي خاضها الأردن بكل شرف وشجاعة، كانت معركة السلام التي توجت بتوقيع معاهدة السلام في السادس والعشرين من تشرين الأول عام 1994.