العمالة الوافدة المخالفة نظموهم وراقبوهم.. ولكن لا تهينوهم

أسامة الرنتيسي –

 
التقطت الحكومة خلال مناقشات مجلس النواب لموازنة الدولة إشارات نيابية دقيقة بدأت من كلمة النائب المحامي أندريه مراد العزوني الذي نصح الحكومة بإجراءات سريعة لمعالجة قضية العمالة الوافدة المخالفة، والتي كشفت عن وجود نحو مليون عامل مخالف لشروط الإقامة.
قضية معالجة العمالة الوافدة المخالفة تضع أمام الحكومة عدة فوائد؛ أولها إنشاء هيئة مختصة بمعالجة مشكلة العمالة المخالفة، وثانيها معالجة القضية الأمنية للعمالة المخالفة، بحيث يتم تثبيت عناوين العمال في البلاد، وثالثها تمنح الأرقام الخاصة والصحيحة لأعداد العمال الفرصة للدراسات ومتخذي القرار حول حاجات سوق العمل الأردني والمساعدة في معالجة مشكلة البطالة في الأردن من خلال فتح مجالات العمل للعمال الأردنيين، ورابعها تحصيل الموازنة لأرقام مالية تساعد في سد العجز وترفد موارد الدولة، وخامسها تنظيم سوق العمل من خلال توحيد رسوم تصاريح العمل والوقوف في وجه استغلال هؤلاء العمال من قبل بعض مفتشي العمل وتجار التصاريح.
تنظيم سوق العمل ومعالجة قضية العمالة المخالفة الذي بدأت الحكومة بتنفيذه من خلال قرار منتظر حول توحيد قيمة تصريح العمل والبالغة 500 دينار، خطوة تستحق التثمين، لكن مع ضرورة المحافظة على كرامات هؤلاء العمال، وألا يتم التعامل الخشن من قبل وزارة العمل ومفتشيها، ومن قبل الأجهزة الأمنية المعنية.
فقد راقبنا في السنوات الماضية خطوات لتنظيم أوضاع العمالة الوافدة وصلت إلى مشهد مؤلم دفعت عمالاً مصريين إلى رفع يافطات أمام السفارة المصرية في عمّان يقولون فيها “امسك مصري”، تعبيراً عن طريقة التعامل المرفوضة من قبل الجهات المعنية في متابعة العمالة في الأردن.
لا تتوقف حملات وزارة العمل التفتيشية على العمالة الوافدة المخالفة لقانون الإقامة وتصريح العمل، وبحسب أرقام رسمية فالعمالة الوافدة في الأردن تصل حوالي 1.4 مليون عامل منهم ما يزيد على المليون مخالف، اكثر من نصفهم عمال مصريين، وإن عدد تصاريح العمل الممنوحة من قبل الوزارة بلغت حوالي 400 ألف تصريح، وأن التحويلات المالية السنوية لتلك العمالة بحسب الاقتصاديين تصل إلى 5ر1 مليار دولار وهي نصف التحويلات التي تأتي من العمالة الأردنية بالخارج.
تنظيم وجود العمالة، وبخاصة المصرية، مهم جداً، لكن الأهم هو طريقة التعامل معهم، فهم ليسوا مجرمين، ولا فارين من وجه العدالة، وسواء رضينا بهذا التقويم أم لم نرض، فإن لهم الفضل الأكبر في إنجاز مشاريع البنيان في الأردن، ولا سيما أنهم يشكلون 70% من مجمل قطاعات العمل، وتحديداً القطاع الإنشائي، كما خلقوا مهناً في الأردن لم تكن موجودة أصلاً، فنسبة حراس العمارات في الأردن من المصريين تكاد تكون فوق 90%
وهل نجافي الحقيقة عندما نقول إن العامل المصري يستطيع التكيف أكثر مع متطلبات الحياة من عمالنا؟ ألم يخلقوا في الأردن مهنة غسل السيارات أمام العمارات والمؤسسات؟ ألم يحولوا طشتاً وإسفنجة إلى مهنة يتكسبون من ورائها، ويحسّنون دخلهم؟ هل يقبل العامل الأردني القيام بهذه المهن البسيطة؟ علماً أننا لا نضع من شأنها وشأن العاملين فيها، ففي النهاية هي مصدر رزق كريم يعفّ صاحبه عن إراقة ماء وجهه أو التعدي على المال الحرام.
ولنعترف أكثر وبصراحة عالية؛ أليس العامل المصري باعتراف معظم أصحاب العمل، أكثر إنتاجية والتزاماً وأقل كلفة؟ ألم يغطّوا النقص في القطاعات التي يتقاعس الأردنيون عن العمل بها مثل الزراعة والخدمات؟ في قانون العمل الأردني، لا يوجد تمييز بين العمالة الوطنية والوافدة، باستثناء حق الانتساب إلى النقابات العمالية، وهذا الحق أساسي للعمال، لكن الأساس الذي يبحث عنه العامل المصري هو الاحترام وتغيير النظرة الدونية له من قبل الأغلبية، وبالأساس التعامل الحضاري معهم من الجهات التفتيشية.
تعلم وزارتا الداخلية والعمل الواقع الذي تعيشه العمالة المصرية، حيث أصبحت رائجة لدينا تجارة الإقامات، فيضطر العامل إلى أن يدفع مبلغاً من المال لتأمين تصريح العمل، ومن حيث ظروف حياتهم وسكنهم كل (7-10) في غرفة واحدة وحمّام مشترك وظروف ليست طبيعية، ومع هذا لا تحرّك ساكناً في الدفاع عنهم، كما لا تدافع عنهم النقابات العمالية والمؤسسات الحقوقية.
لتتشدد وزارة العمل في دخول العمالة المصرية إلى الأردن، لكن ليس من حق أحد أن يهدر كرامتهم، ويحشرهم في (باص التسفير) بطريقة غير إنسانية انتظاراً للإبعاد.
 
 

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

الملكة رانيا العبدالله تقيم مأدبة غداء لعدد من السيدات في سحاب

الأول نيوز – أقامت جلالة الملكة رانيا العبدالله اليوم في سحاب مأدبة غداء لمجموعة من …