ريم أحمد الحوراني
حزينةً كانت عندما رأيتها، لقد سألوها من أي وطن أتيتِ؟ لم تفهم السؤال، حينها تعجّبت كيف لهم أن يسألوها وهي تتحدث اللغة العربية، جاوبَتْهم: هل هنالك فرق من أين أنا إن كنت أتحدث العربية؟ إن كان وجعي فلسطينياً وعباءتي عراقية وشماغي أردنياً ومائي من النيل؟ هل تسألون بأي لهجة أتحدث؟ وما الفرق إن كنتم تفهمون لغتي؟ هل حدودٌ وضعها قتلَتنا هي التي تعتزّون بها؟ أنسيتم تلك الأغنية التي جمعَتْنا؟ أصبحت الحدود الوهمية هي ما نعتز ونفتخر به؟ ومنذ متى نعتز بالأوهام؟ هل تركنا الحقيقة الواحدة وتفرَّقْنا انصياعاً لمن يكرهنا؟ أنطيع من يتمنى أن يقتل لغتنا وهويتنا؟ وما الفرق بين وجع وآخر؟ إن كانت كل أوطاننا تسلب منا بمحض إرادتنا ونحن هنا نختلف على: مِنْ أيّ وطن أتيت؟!
أنا من كل قُطْرٍ عربيّ، يؤلمني كلّ جرح عربي وكل آهة تخرج من حنجرة مبحوحة، تجمعني بكل العرب لغة وعادات، لكنْ تفرّقني عنهم حدود وهمية..
أجيبوني: لمَ يفرح كل العرب عند يلمع نجم عربي في سماء الغرب المليئة بالكواكب؟ ولمَ نختلف في نفس الوطن على شخص لأنه من قبيلة ما أو جاء من بلد آخر؟ ما زلت لا أفهم الفرق بين هذا وذاك!!
أصبح لدينا العديد من الألوان، العديد من الشخصيات المختلفة، علّمونا على الخارطة فقط أين هو الوطن العربي.
يضحكني ويبكيني أن سايكس وبيكو اتفقا على تقسيمنا لتأخذ كل دول من دولتيهما حصتها من وطننا الذي كان كبيراً وموحداً وكأنهم وضعونا في حالة النوم المغناطيسي، فآمّنا بهذه الحدود، وأصبحت كل دولة على حدة تصارع من أجل استقلالها.
كذبوا علينا وصدقناهم، وكذَّبْنا تاريخاً يحكى به عن أمجادنا. أصبحنا مفرَّقين، نكره أنفسنا، ونكره بعضنا، نسينا أن في الاتحاد قوة، أمسينا تائهين بلا أهداف نبيلة تجمعنا واعتزاز يوثق عرانا..
ها هي ذي تصرُّ على جواب واحد: أنا عربية، وبفخرٍ، بلاد العرب أوطاني .. من الشام لبغدان.
شاهد أيضاً
مهرجان جرش يحيي روح درويش بندوة ثقافية لامست اوجاع غزة
النجار: عندما رحل درويش لم ترحل القصيدة بولص: تربطني بدرويش صداقه ومواقف ما بين عمان …