طارق ترشيشي يكتب لـ"الأول"..المنطقة الى ربيع وصيف حارّين؟

طارق ترشيشي –

تتجمع في سماء المنطقة غيوم رمادية لا تبعث على التفاؤل بمطر يتساقط على الارض منبتاً فيها العشب الأخضر والزرع والزهر، بل تبعث على التشاؤم والخوف من هبوب عواصف مدمرة للبشر والحجر…
مبعث هذه الغيوم هو التهديدات الاميركية والاسرائيلية التي ترافقت مع زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لـ”صديقه الجديد”الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب المهدد بإلغاء الاتفاق النووي بين دول الـ5 +1 مع ايران، وهو اتفاق لم ترض إسرائيل عنه يوما، ونادت ولا تزال تنادي بتوجيه ضربة عسكرية لإيران تقوض نظامها وتنهي دورها الاقليمي، وهي الدولة الاولى في العالم التي إفتتحت سفارة لفلسطين في طهران على انقاض السفارة الاسرائيلية إثر سقوط نظام الشاه محمد رضا بهلوي الذي كان يقيم “علاقات متينة” مع إسرائيل.
ومبعث هذه الغيوم ايضاً التهديدات الاسرائيلية لحزب الله اللبناني وللبنان بتدمير بناه التحتية في أي حرب مقبلة على الجبهة اللبنانية، ويرفع من منسوب هذا التهديد الكلام الاسرائيلي المتكرر عن القوة الصاروخية الكبيرة التي بات حزب الله يمكلها فضلاً عما اكتسبه من خبرة قتالية من جراء مشاركته في الحرب السورية الى جانب النظام.
كذلك يزيد من منسوب احتمال شن اسرائيل حرب جديدة على لبنان هو رد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على التهديدات الاسرائيلية استنادا الى معلومات تجمعت لديه من ان الدولة العبرية تسعى الى شن حرب ضد حزب الله بتغطية تؤمنها الادارة الاميركية الجديدة وبعض حلفائها، وذلك في موازاة التهديد الاميركي لإيران، ملوحاً باستخدام اسلحة كاسرة للتوازن في اي مواجهة مع اسرائيل، وواعداً الاسرائيليين بـ”مفاجآت” جديدة في حال شنوا حرباً جديدة على جبهة لبنان.
وسواء نفذت واشنطن واسرائيل تهديدهما ضد ايران وحزب الله المصنف أميركياً “منظمة إرهابية”، فإن النتيجة واحدة وهي ان المنطقة، حسب توقعات كثيرين، مقبلة على الارجح على ربيع وصيف حارّين بكل المستويات والمعاني، ما يعني ان حملة استنزاف دول المنطقة ماليا واقتصاديا وبشرياً مستمرة في كل المجالات مهما تعددت المسميات والتبريرات، اذا يراد لهذه الدول المأزومة بالحروب الداخلية، او ما في ما بينها، مباشرة او بالواسطة، ان تدفع من ثرواتها ومالها ثمن فعل التدمير الذاتي الذي تمارسه على نفسها، وفي ما بينها، على ان تدفع لاحقاً فواتير اعادة اعمار ما دمرته الحروب، وهذه الفواتير التي ستبلغ آلاف المليارات من الدولارات يجري تحضيرها الآن على وقع الحروب المستمرة،(والتي للاسلحة المستخدمة فيها فواتيرها الكبيرة ايضاً)، على ان تكون جاهزة على الطاولة للبحث جنبا الى جنب مع مشاريع التسويات السياسية التي يجري تحضيرها ايضاً، ليتقاسم “غلالها” من تسببوا بهذه الحروب وأداروها وصولاً الى تحقيق اهدافهم السياسية والمالية والاقتصادية على حساب خيرات هذه الامة وثروتها ومستقبل شعوبها وحقها في التطور والعيش المستقر بما تملك من ثروات وامكانات وكفايات.
ثمة من يقول ان تهديدات الادارة الاميركية الجديدة لإيران واعلان سقوط “حل الدولتين” في فلسطين المحتلة، معطوفة على التهديدات الاسرائيلية للبنان وللفلسطينيين، تجعل المنطقة امام اصطفاف حاد مجدداً بين “محور دول الاعتدال” و”محور دول المقاومة والممانعة”، ما يثير مخاوف جدية من اندلاع حروب جديدة ربما تكون اكثر عنفاً تعيد خلط الاوراق في المنطقة وازماتها الملتهبة من سوريا الى العراق واليمن وهي ازمات ستزداد تداعيتها على بقية الدول المجاورة… وهذه الحروب، في حال نشوبها، ستزيد من تفسخ الامة وتمزقها فلا يعود لها حول ولا طول..
 

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

23 شهيدا في مجزرة جديدة ارتكبها الاحتلال في مخيم البريج وسط غزة

الأول نيوز – استُشهد 23 فلسطينيا وأصيب آخرون بجروح، الخميس، في مجزرة جديدة يرتكبها الاحتلال …