الثلاثاء , أكتوبر 22 2024 رئيس التحرير: أسامة الرنتيسي

مظاهرُ تَديُّنٍ لا دِينٍ.. محمد نوح القضاة أنموذجًا

أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – نال الداعية النائب الدكتور محمد نوح القضاة قسطًا يستحقه من النّقد القاسي على فعلته الخيرية غير الدينية عندما مارس “شو إعلامي” غير مُحبِّبٍ وهو يوزّع مساعدات على عائلات محتاجة، وهذا ليس من الدين بشىء، ففعل الخير أولى خطواته السرِّية حتى يكون موجهًا إلى رب العباد.
لم يبق في مواجهة القضاة وغيره من المحسنين إلّا أن يضعوا صورهم على طرود الخير، وعلب السَّمنة، فهذه مظاهر تديُّن لا دِين كلها.
تدخُل محلًا كبيرا من التي انتشرت فروعها في مدن المملكة، كما الفطر البري، إلّا أنها انكسرت مؤخرًا، فلا تسمع إلّا القرآن الكريم، أو الأناشيد الدينية، وفي عَجْقةِ الزبائن الذين يرتادون هذا المول بحثًا عن أسعار مُخفَّضة ضمن عروض كثيرة، تسمع أيضًا أصواتًا مثل طنين النحل، فيصيبك تلوث سمعي لم تعد معه قادرا على سماع كلام الله وسط هذا الزحام، فتضيع الموعظة الدينية: «وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون “الآية 246 الأعراف”.
تُمرُّ في شوارع عديدة، خاصة يوم الجمعة، فتجد المصلّين قد أغلقوها بسياراتهم غير منتظمة الاصطفاف، فتقول: (لا حول ولا قوة إلّا بالله..)، فمن يغلق شارعًا بسيارة أو بما شاء فليس إنسانًا مؤمنًا، ولا يعرف معنى إماطة الأذى عن الطريق.
تُشارك في مناسبات رسمية واجتماعية، فتفاجئك سيدة بعدم المصافحة باليد، فتُحرج أنت، وتمتنع عن مصافحة الأخريات الموجودات، وتُحرج أكثر عندما تُبادرك أخرى بمد يدها مصافحة، فتُسائل نفسك لما لم تبادر أنت.
في العالم العربي، ومنذ ثورة الخميني، طغت مظاهر التَديُّن على مُفردات الدِين، وأصبحت هذه المظاهر هي عناوين تقسيم المسلمين، فالذي يرتدي لباس الافغان، أصبح عنوانًا للمسلم المتطرف “القاعدي”، ومن يرتدي دشداشة قصيرة، ويَحلِق شاربيه، ويُطلق لحيته، هو مسلم سلفي، بعناوينه المختلفة، سلفي جهادي، دعوي، وإذا كان بلحية خفيفة، وربطة عنق، فهو إسلامي إخواني، قد يكون من الحمائم أم من الصقور، وإذا كان بلحية خفيفة من دون ربطة عنق، فهو إسلامي إيراني قريب من الجهاد، ومحسوب على الملالي…
هذه المظاهر، تطغى في حياتنا اليومية، وتحتل نقاشات العامة، وحتى النقاشات الأسرية، فطغت مظاهر التدين على مفردات الدين، وحوّلت المجتمعات إلى مجتمعات قلقةٍ متوترةٍ، مشكِّكةٍ في بعضها بعضًا، وحتى التكفير بينها، عدا الاحتراب والاقتتال تحت لافتات متعددة.
لنَحْذر كثيرًا من “طوائف المتأسلمين” الذين يتكسّبون من تدينهم المظهري، وهؤلاء أصبحوا معروفين لدى الناس لأنهم يسعون دائمًا للاستخفاف بعقول العامة وتضليلهم، بخطابات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعلى اليوتيوب، وهؤلاء يتكسبون بالدين ويزعمون امتلاك الحقيقة، وأن من يعارضهم على ضلال، ومن يسير معهم يكون مع المهتدين.
نغضب كثيرًا عندما تتوسع التقارير الدولية في اتهام منطقتنا بأنها أخصب بيئة للعنف والتطرف، ولطالما اعتمدنا نظرية المؤامرة الخارجية على أنها وراء تشويهنا وتشويه الدين، فلن نصل الى مرحلة العيش الآمن من جديد، وسوف نبقى متوترين، ونحتفل بمزيد من الدماء والقتل والذبح بين التيارات الجديدة، وكلها باسم الدين.

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

“التوجيهي المصري” آخر اختراعات البزنس الأردني

أسامة الرنتيسي – الأول نيوز – ما أن انتهت وزارة التربية والتعليم من فضيحة حصول …