أسامة الرنتيسي
أكثر ما يميز الحالة الفلسطينية حاليًا، ليس الصراع المحتدم بين فتح وحماس الذي انتقل اليوم السبت إلى اسطنبول في مؤتمر للشتات الفلسطيني، ولا غزة التي ينام أكثر من نصف شعبها في العراء في عزّ البرد، ولا فشل سنوات التفاوض الطوال، ولا الاستيطان الذي يقضم ما تبقى من الأرض.. أكثر ما يميزها حالة الهرم التي تعيشها البنادق والقيادات والشعارات.
فقبل يومين ظهر أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة – أحمد جبريل على شاشة الميادين، ولو طالت مدة المقابلة أكثر لحرك من خلالها جحافله اتجاه اسرائيل وهو جالس في طهران.
أحمد جبريل؛ بعد أن غزا الشيب رأسه، وهرمت أفكاره، لا يزال يعتقد أن المقاتلين يملأون مغارات الأردن، وشوارع بيروت، وأن صوت العاصفة لا يزال يهدر في أثير الإذاعات القومجية، ولا يعلم أن العالم تغير، ولم تتغير معه بنادقه التي هرمت، وشعاراته التي أكل الدهر عليها وشرب، ولم تعد تخيف دجاجة إسرائيلية، ولا يعترف بأن مجموعة صواريخه المنصوبة في الجنوب اللبناني هي برسم عمامات طهران وأجنداتهم.
حال أحمد جبريل وجبهته ليس بأحسن حالًا من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الأم التي خرج من رحمها منشقاً، ولا الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين التي أحيت قبل ايام ذكرى انطلاقتها الثامنة والأربعين، في اكثر من مهرجان، حضرها أنصار الجبهة وأصدقاؤها، إذ تكررت الشعارات نفسها والهتافات.
لم يلتفت أحد إلى أن كل الشعارت التي أطلقت، والهتافات، أصابها الهرم، وغياب الزمان الذي يستوعبها، بعد أن غابت الأمكنة.
معظم القيادات الفلسطينية التاريخية هرمت، ولا تزال ممسكة بتلابيب السلطة، وعلى رأس المؤسسات والفصائل التي تمثلها، مع ان أجيالًا كثيرةً من قيادات الصف الثاني، هرمت أيضًا قبل أن تُمنح فرصة القيادة الأولى.
القيادات الفلسطينية، التي غزا الشيب رؤوسها، وهرمت أفكارها في السنوات الأخيرة، العلامة الفارقة لدى الفلسطينيين، هي أن أحلامهم وطموحاتهم تتراجع، وتتوسع حلقات الإحباط، لكن ما يتفق عليه محبو الشعب الفلسطيني كلهم أن هذا الشعب يستحق قيادة أفضل بكثير من التي تتزعمه حاليًا.
قيادة جديدة، تسير به إلى محطة الأمان التي يفتقدها بفعل الاحتراب الداخلي، واليأس والاحباط اللذين أصابا قلوب وعقول القيادات الهرمة، ولْيُترك للجيل الجديد أن يأخذ فرصته في المساهمة بإنجاز المشروع الوطني الفلسطيني، من دون وصاية عقلية الإنهزاميين، ولا أصحاب الصوت العالي.
بالمناسبة، ما هي قصة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وولعه الشديد بالغناء وبرنامج أرب ايدول، وعشقه للفنان الاسرائيلي موشي الياهو.
