د. إسراء الجيوسي
مقالتي اليوم تُعبّر عن أُم لديها طفل تَوحّد، وكم هي معاناتها وألمها، فهي تُجسّد جزءًا بسيطًا من واقع حقيقي، لا مجرد كلمات وعبارات ..تقول الأُم…..
طِفلي يصرُخ ويَصيح
وأنا أبكي وأنوح
مالَك يا طفلي الوحيد
ماذا أصاب جسدَك الصغير….
هل هو مرضٌ…..أم هي عينٌ أصابتك فجعلتك عليلا ..
ما الذي أصابك يا وحيدي يا مُهجةَ قلبي وفرحةَ عمري …
لِمَ كُلّما ضمَمتك إلى صدري تبكي وتبتعد؟؟
وكُلّما قبلتك ترفض وتثور؟؟؟
عيناك شاردتان ترفضان النظر لعينيَّ
ومَلامحك باردةٌ لا حياة فيها
تصيح وتصيح وتصيح
سألت لأجلك الأصدقاء والشيوخ والأقرباء
أخذتك للأطباء ليجدوا لك دواءً للشفاء
فأخبروني بأن شكواكَ يا طفلي ليس لها دواء …
طفلك لديه تَوحَّد
أنا طفلي لديه توحد…….. لِمَ؟؟
لِمَا يا رب هذا الشّقاء ومِن أين أتى هذا البلاء وكيف ؟؟؟
ابتعدَ عني الأهل والأصدقاء… ووصموا ما بطفلي بالعار والوباء
رضيت بحكمك يا ربي وبهذا الابتلاء
وسأسهر الليل معك يا طفلي الوحيد.. ولن أتركك وحيدًا قَطْ
سأُطعمكَ، أُلبسكَ، أَلعبُ معكَ،أُعلمكَ وأَهتم بكَ ..
ولن أتخلى عنكً، يا طفلي مهما كان العناء كبيرًا …
سأسهر الليل أُرقبك وأَحميك حتى تكبر بإذن الله …فأنت عطاء ربي الكريم الذي احتسبت أمري إليه… حياتي… ومعاناتي
فلك الحمد يا رب حتى ترضى وبعد الرضا…
إخواني وأخواتي أذكركم بقول الشيخ النابلسي :
إن الله يعطي الصحة والذكاء والجمال للكثير من خلقه بقدر… لكنّه ﻻ يعطي السكينة إﻻ ﻷصفيائه من المؤمنين.. فالسكينة من محبة الله لعبده…ومن علامات محبة الله لك أيضا أن يمنحك الرضا عن كل شيء ….. أن ترضى عن وجودك.. عن وضعك ..
عن أولادك.. عن أهلك.. وعن دخلك .. وعن كل شيء مُسخّر لك ومكتوب عليك ..
فوالله لو شققنا عن قلب المؤمن الراضي.. لوجدنا فيه سعادة لو وزّعت على أهل اﻷرض لَكفتهم! وإن أول من يُدعى إلى الجنة يوم القيامة هم الحامدون لله في السراء والضراء، فاحمدوا الله على هذا العطاء وكونوا صابرين شاكرين لأن الخير فيما اختاره الله للعباد، ولا اعتراض على حكمك يا لله .
ودمتم طيبين…
