الفحيص تنتخب ضد لافارج..شعار انتخابات البلدية المقبل

أسامة الرنتيسي
 
لأول مرة، سوف تخوض مدينة الفحيص انتخابات مصيرية، واضحة المعالم، لا تحتاج إلى صراعات كثيرة، وبرامج انتخابية فضفاضة.
فانتخابات المجلس البلدي المقبل التي ارتفعت سخونتها في الأيام الماضية يتصدّرها شعار واضح، هو مستقبل الفحيص وكيفية إدارة الصراع مع شركة لافارج الفرنسية.
وشركة لافارج لمن لا يعلم، هي الشريك الاستراتيجي في زمن الخصخصة، التي اشترت مصانع الاسمنت الأردنية بـ”تراب المصاري”، والتهمت خيرات الاسمنت من الفحيص والرشادية، وتريد الآن أن تلتهم مستقبل الفحيص والمناطق المجاورة لها، من خلال تحولها الى شركة عقارية تبيع أراضي المصنع.
منذ نيسان من العام الماضي، انطلقت الأعمال الاحتجاجية في الفحيص في وجه إدارة شركة لافارج الفرنسية، احتجاجًا على ما تُخطط لمستقبل مدينتهم، بعد ترحيل المصنع، وإغلاق الأفران، بعد أن استنفد استخراج الاسمنت من جبال وأراضي الفحيص، وقبل أن تتحول شركة لافارج إلى مكتب عقاري لبيع الأراضي المُقام عليها المصنع، وقد بدأت فعليًا بالإعلان في الصحف المحليّة عن بيع أراضِ في ماحص وصافوط.
مهما حاولت لافارج البقاء في الفحيص من خلال ملكيتها لمصانع الاسمنت، فإن عمرها قصير، وسترحل في النهاية، وقد تنبّه أهالي الفحيص مبكرًا إلى مرحلة ما بعد المصنع، ولِمَن ستؤول الأراضي التي انتزعت منهم قبل نحو 60 عامًا، بمساحة تجاوزت 3000 دونم تحت بند المنفعة العامة ودعم الاقتصاد الوطني، وبأسعار لم تتجاوز 3 دنانير للدونم.
استثمار لافارج في الفحيص الآن يتعدى التفكير بصناعة الاسمنت إلى الاستثمار في أراضي المصنع بعد إغلاقه، وقد بات مطلوبًا الآن من الحكومة والجهات الرسمية الكشف عن حقيقة بيع مصانع الاسمنت إلى شركة لافارج، وهل تضمّن البيع الأرض وما عليها، وما هي الأرقام الحقيقية في هذه الصفقة إن كانت قد تمت بالفعل؟
الفحيصيون انتبهوا جيدًا إلى أن هذه القضية، كبيرة وخطيرة، وطنية وليست محلية، ولها أبعاد قانونية ودستورية وفنية واستثمارية، لا يتم التعامل معها بالصوت العالي، ولا بالتنازع بين المؤسسات الكثيرة في الفحيص.
القضية تحتاج إلى خبراء وفرق فنِّية وهندسية وقانونية ودستورية واستثمارية، وأفكارٍ مبتكرة، وصندوقِ ماليِ لإعادة تأهيل المنطقة، وحلول منطقية للدولة والمجتمع، مرتبطة بمستقبل المنطقة.
الكرة  الآن في ملعب أهالي الفحيص، وسيكون عمدة مدينتهم المقبل والمجلس البلدي هما رأس الحربة في تحديد شكل ومستقبل مدينتهم، فلن يتم الانتخاب على أسس واعتبارات عشائرية، ولا تحالفات مرتبطة بانتخابات سابقة، ولا تسديد حسابات انتخابات مقبلة، بل سيكون الانتخاب على نوعية الأشخاص الذين سيواجهون مشروع لافارج بعلمِ وشفافيةِ ووضوح.
لن ينتخب أهالي الفحيص على أساس “طوشة المزراب”  ولن تتم التحالفات على قاعدة “الجال الشرقي” والخط الصحراوي.
لا يجوز بعد الآن أن يختلف الناس في الفحيص مثلما حصل سابقًا في قضية التعامل مع لافارج، ولا يجوز أن  تُمرّر أشياء من تحت الطاولة كما يُعلن المتخوفون في الفحيص، ولا يجوز أن تُقَّدم للشركة الفرنسية ـ التي كسبت مليارات الدنانير من  صفقة الاسمنت ـ أطواقُ نجاةٍ أخرى بحجة المصلحة العامة.
بلدية الفحيص، المسؤولة تنظيميًا عن أراضي مصانع الاسمنت، عليها أن تُنظم الجهود وتقودها، وهي فعلًا قائدة الجهود في الفترة الحالية، لكن إدارة لافارج لا تزال تتلاعب بنواياها وفي الاتفاقات التي وقعت معها.
لافارج كسبت مليارات من صفقة الاسمنت، ولا يجوز أن تكسب بعد ذلك المليارات من أراضي الفحيص.
يليق بمدينتين باهرتي الجمال، الفحيص وماحص، اللتين تضعان لحظة غروب الشمس ما علق بهما من إرهاق على أكتاف أسوار مدينة السلام القدس، أن تتخلصا من جيرة الإسمنت التي زاد عمرها على 60 عامًا، وارتبطت منذ سنوات بأكبر قضية بيئية في الأردن، وكانت مثار جدل ونقاش على أعلى المستويات، كقضية وطنية لا تخص أهل الفحيص وماحص وحدهما. وهي الآن قضية وطنية كبرى تتعلق بمستقبل المنطقة وكيف سيكون حالها في المستقبل.
نريد أن تبقى للفحيص خصوصيتها وهويتها وعنوانها الحضاري، وهذه مصلحة للجميع، ولكل من سكن أرضها وعشق هواها وشرب من نبعها.

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

قرار بتعطيل مدرسة في الزرقاء لمدة 3 أيام بسبب انتشار الحشرات

الأول نيوز – أوصت لجنة السلامة العامة في محافظة الزرقاء، بتعطيل طالبات مدرسة أم الصليح …