الأول – أصدر مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان تقريره الأول تحت عنوان “التعذيب في الأردن محاسبة الجناة والعدالة المؤجلة ” ، ويأتي هذا التقرير بعد مرور 25 عاماً على إنضمام الاردن إلى اتفاقية مناهضة التعذيب كما يتناول تقييم ما قام به الأردن من خطوات على صعيد إنفاذ الإتفاقية على المستوى الوطني من حيث بيان الإنجازات والقصور إن وجدت وبيان فيما إذا كان التعذيب يمارس في الأردن ام لا .
وجاء هذا التقرير الذي أعده المركز في حدود التزامات الدولة التعاقدية وكشف التدابير الوطنية المتخذة لضمان الحق في سلامة النفس والجسد بما فيها ملاحقة مرتكبي جرائم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة والعقوبة القاسية ولا إنسانية أو المهينة .
وتناول التقرير قصص ومقابلات مع نشطاء حقوقيين ومحامين متمرسين وصحفيين وأشخاص ادعوا ضروب من التعذيب أو المعاملة اللإنسانية أو القاسية أو المهينة .
وركز على التعذيب أو سوء المعاملة من الأشخاص المكلفين بإنفاذ القانون ، موضحاً ان قضايا إجراء التجارب الطبية على البشر والإتجار بالاعضاء البشرية والعنف وسوء المعاملة في بيئة العمل وفي المنزل والمدرسة والجامعة والاخطاء الطبية المختلفة وإستمرار تطبيق عقوبة الاعدام هي جميعها من ضروب سوء المعاملة وتعتبر بإمتياز من صلب قضايا مناهضة التعذيب – على حد ذكر التقرير-.
وكشف مركز العدالة عن حالات رصدتها لأشخاص تم إلقاء القبض عليهم لمجرد الاشتباه في ارتكابهم جريمة او وجود بلاغات غير مؤكدة بحقهم حيث كانوا عرضة لممارسات خارج إطار القانون تتضمن التعذيب وإساءة المعاملة والمعاملة المهينة داخل أماكن الاحتجاز واثناء التحقيق معهم .
وسرد المركز حالة ( س. م . خ ) والذي تم القاء القبض عليه عام 2013 من قبل رجال قسم مكافحة المخدرات بحيث تعرض للضرب والإهانة اثناء القبض عليه وإصطحابه إلى احد المراكز الامنية والذي تم التحقيق معه من خلال ضربه بشكل مبرح لإنتزاع الاعتراف منه ومن ثم تم نقله إلى احد المراكز الامنية وبعدها قاموا بنقله الى مديرية الشرطة ولوحظ عليه حالة لاوعي التام ولا يستطيع الوقوف ، وكان هنالك اثار ضرب وكان يشكو من ألم في جسمه ، والذي كان يتقيء دم بعد ذلك تم نقله إلى قسم الطوارئ في مستشفى جرش الحكومي لسوء حالته الصحية حيث لم يتم سؤاله عما اذا كان تعرض للضرب أم لا ولم يقم بتوثيق الحالة الطبية على سجله .
واكد انه وعند اعادة الضحية إلى النظارة وبعدها نقل إلى مركز اصلاح وتأهيل الجويدة تم سؤاله عما اذا تعرض للضرب وعند اجابته لم يتخذ اي اجراء ، بعد ذلك تعرض الضحية لإنتكاسة صحية اثناء تواجده في مركز اصلاح وتأهيل الجويدة ليتم نقله إلى مستشفى البشير حيث كان فارق الحياة .
وفي حالة ثانية كان بطلها الضحية (ع ، ز) حيث ذهب إلى المركز الامني لتوقيع الاقامة الجبرية والذي اعتقل اثناء تواجده في المركز الامني من قبل ادارة مكافحة المخدرات ، والذي تم منع والدته من زيارته دون أي اسباب قانونية بعدها توجه افراد الامن الى منزله وتهديد اسرته وبعدها تم اصطحابهم الى المركز الامني وقاموا بالضغط على والدته للتأثير على ابنها ، وعند دخول افراد المكافحة الى المكان الموجود فيه الضحية سمع افراد اسرته صراخ ابنهم وادوات التعذيب التي كانت تستخدم ، بالإضافة إلى التعرض للشتم بعد ذلك بأيام تم اخبار والدته عن وفاة ابنها ، وقد علم المركز لاحقاً بناء على معلومات من عائلة الضحية ان الحكومة عرضت مبلغ مالي كتعويض غير معلن مقابل اسقاط الحق الشخصي عن المتهمين. وكشفت التقارير عن حالة (ع ، ه) والذي اعتقل اثناء الحراك السياسي والشعبي خلال المظاهرات التي وقعت في ذيبان اثناء فترة الربيع العربي حيث تعرض للتعذيب في المركز الأمني مما أصابه بأذى كبير ثم وجهت له تهمة تقويض نظام الحكم وفقدت عينه اليسرى نتيجة التعذيب الذي تعرض له والإهمال المتعمد في علاجه – على حد قوله – .
وسردت المحامية (هدى نصر) شقيقة الضحية عمر شهادتها حول قضية اخيها والذي اتهم بقتل احد افراد الامن العام والتي روت مدى معاناتهم من قبل رجال الامن العام والذي تولد لديها شعور الخوف والكره من وجودها في وطنها والذين رزحوا تحت الضغط والتي تمثلت بتسلم جثمانه ودفنه والشعور بأننا مراقبون وتحركاتنا وكذلك هواتفنا والتي ما زالت محفورة في ذاكرتي وتصيبني بالتشنج وبرودة في الاطراف والتي ادت إلى اصابتي بإنهيار عصبي حرمني النوم وتولد لدي شعور خوف شديد في إمكانية تعرض أحد اخر من افراد عائلتي للإيذاء من قبل من يفترض انه يسهر على امننا واماننا .
واضافت نصر انها اضطرت إلى جمع افراد عائلتها في منزلها لحمايتهم والتي توجهت إلى الديوان الملكي وقدمت لهم تقارير واسمعتهم تسجيلات صوتية من افراد الامن العام وزوتهم بوثائق تثبت تعرض اخي للتعذيب من قبل افراد الامن العام وبانهم يهددوننا وقد توجهت لاحد المواقع الإلكترونية والتي بدورها قامت بالنشر على لساننا مناشدة لسيد البلاد والذي بعدها قد كف الاتصال بنا والتهديد .
واضافت ان ما حدث كان كابوساً مرعباً ولازلت اتخيل شقيقي في المشرحة واتخيل لحظات الرعب والتعذيب بحق شقيقي حتى اصبحت لا اطيق رؤية رجل امن عام واذا سمعت خبر تمادي الأجهزة الامنية واستعمالها للقوة المفرطة مع المواطنين ادخل في حالة من القهر والسخط والخوف واشعر بالغضب من كل منتسبي رجال الامن العام وبالذات البحث الجنائي .
واشارت ان كابوساً عميقاً حل في بيتها والذي تأثر عملها وقالت في شهادتها ، ” انني لم اعد قادرة على مواصلة عملي بنفس الطاقة واصبحت اتساءل كيف سأخذ حقوق موكلي وانا غير قادرة على الترافع امام القضاة واخذ حقوق موكلي وانا لااستطيع ان اخذ حق اخي ، ونوهت اها اصبحت منعزلة في منزلها ولاتقدر على الخروج إلا للضرورة القصوى والذي عانا منه افراد عائلتي أضعاف أضعاف ، ولكن ايماني بالله سبحانه وتعالى سيأخذ حق المرحوم اخي واملنا بالعدالة ستأخذ مجراها وستدين الجناة وتشف صدورنا والتي ستعيد لنا الأمل بالحياة والشعور بالأمن والامان .
يذكر ان التقرير جاء بعد 25 عاماً من انضمام الاردن إلى اتفاقية مناهضة التعذيب.
