"الثعلبة السياسية" في الأردن

أسامة الرنتيسي
 
قبل سنوات؛ تحديدًا في 20 مارس 2013، مقابل قيادات الأحزاب السياسية الأردنية خلال  مشاورات لتشكيل حكومة جديدة، نَحتَ رئيس الوزراء السابق عبدالله النسور مُصطلحًا جديدًا  بعنوان: المرحلة الجديدة بحاجة إلى صفحة نظيفة لا علاقة لها بـ” الثعلبة السياسية”.
بعد هذه السنوات ثبت فعلًا أن المرحلة التي نعيش لا تحتاج إلى “الثعلبة السياسية” بل إلى وضوح ومكاشفة، لأن حجم القلق والارتباك اللذين تمر بهما المؤسسة الرسمية حيال تفاقم الأزمات الاقتصادية والسياسية في البلاد، والمحيط العربي، ظاهر للعيان، وبدأ يطفو على السطح بكل وضوح.
والقلق في كيفية ترتيب البيت الداخلي بما يتوافق مع استمرار النهج المحافظ ذاته والسياسات الاقتصادية نفسها، من دون تقديم أي استحقاقات ضرورية تذكر، بضاعة لم يعد يشتريها أحد.
فالتصدي للمديونية وعجز الموازنة  حسب الاجراءات الرسمية،  برفع أسعار المواد الأساسية، التي لا غنى عنها للمواطنين، مثل الوقود  والكهرباء والمياه، وربما الطحين، وما يتبع  ذلك من توالي ارتفاعات أسعار  المواد الاستهلاكية، وبعد هذه القرارات تجاوزت المديونية الأردنية الخطوط الحُمْر وهي في طريقها إلى أن  تصل  95 من مئة من المُنتَج المحلي الاجمالي، فقد تضاعفت المديونية حتى وصلت حاليا إلى أكثر من 26 مليار دينار.
لقد فات وقت طويل، أصرت فيه مؤسسات الحكم الرسمية  على عدم الاستجابة لإصلاحات جادة شاملة للمستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فهذا هو الطريق الوحيد المضاء للخروج من ظلمة أزمات الفقر والاحتقان السياسي وغياب المشاركة الشعبية في صنع القرار.
الغريب؛ أنه برغم  المُتغيّرات كلها التي وقعت وتقع يوميًا داخل البلاد والمحيط العربي،  هناك إصرارٌ على تجاهل التعامل مع استحقاقاتها، لا بل يُلتف عليها وتُحكم القبضة المركزية على  مفاصل الحياة السياسية جميعها .
عدم النظر إلى تداعيات  ارتفاع الأسعار الاجتماعية، والالتفات إلى معالجات وطنية جادة لأزمة المديونية والعجز، مثل إعادة النظر في خصخصة قطاع النفط، وتغيير أنظمة البناء باستخدام الطاقة الشمسية، وتحصيل الضرائب، يفتح خزائن الفوضى واليأس مِن إصلاح الأوضاع في البلاد، ويؤثر في استقرار البلاد، والسّير بها إلى مسارات خطرة.
في الأيام القليلة الماضية، شاخت الحكومة، وهرمَت كثيرًا، واضطّر رئيسُها ووزراء آخرون  عَدا وزير المالية  أن يعلنوا ألّا زيادة على الأسعار في عام 2017،  بعد الزيادات التي أقرت، بعد أن شعروا بحجم الغضب الشعبي في صدور الأردنيين، ومع هذا، فحجم التفاؤل بالتغيير في العقلية التي تدار بها السياسات الرسمية في أدنى مستوياته، لأن التجارب السابقة قاسية، والحكومات في السنوات الأخيرة كانت بلا دَسمٍ سياسي، ولم يتعدّ دورها تصريف وإدارة أعمال الدولة الروتينية.
لن نتجاوز المرحلة الحالية إلى برّ الأمان إلّا باستراتيجية إصلاحية شاملة في برنامج الحكومة، وعقل الدولة، وإنجاح حوار وطني اقتصادي، ينتشل البلاد من أزماتها الخانقة ويحررها من شروط أدوات الرأسمالية العالمية، وإملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين، حيث كانت ادارته في عمان قبل يومين وقالت لهم الحكومة….دبرونا.!

 
 
 

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

القبض على احدى سارقي السفارة الأردنية في باريس

الأول نيوز – قالت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، إن السلطات الفرنسية ألقت القبض على أحد …