مقالات مشابهة
د. إسراء الجيوسي
وجود فتاةٍ من ذوي الاعاقة العقليًة في أية أسرة يُعتبر في نظر أفرادها كارثةً ومصيبةً، ذلك لاعتبارات كثيرة؛ أهمّها قلقهم وخوفهم من الاعتداء الجنسي عليها.
قضيتُنا اليوم من القضايا الحسّاسة، المُخجلة في نظر الكثير من أسر الفتيات من ذوي الاعاقة العقلية، لهذا يتجاهلونها ويُخفونها ولا يخوضون في الحديث حولها أو التحدث عنها، لأنهم يعتبرون ذلك إساءة للفتاة ولهم، ووصمة لأفراد الأسرة، مع علمهم أن الدولة عملت على ضمان حقها وحمايتها ومحاسبة كل من يعتدي عليها، وإنزال أشد عقوبة بحق المعتدي، ولكن المشكلة في مجتمعنا ونظرته السلبية، لهذا تقوم الأسرة بإخفاء الحقيقة، وعدم التصريح بها للجهات الأمنية.
ليأتي السؤال؛ ماذا يعني أن تكون الفتاة معاقة عقليًا؟ وهل هذا يتيح بأن تكون فريسة سهلة للاعتداء عليها، كونها لا تعي ما يحدث لها، أو أنها لا تقوى على الدفاع عن نفسها؟ أين الدّين والأخلاق، ولِمَ هذا التقصير، وعدم حمايتها ورعايتها بما يرضي الله، لِمَ تهمل ولا يعتنى بها ولا يتم تعليمها؟ ألَا يُمكننا حمايةَ أبنائِنا، أين عاطفة الأبوة والأمومة، هل اختفت من صدورنا؟ هل من العدل عقابها وإهمالها وتركها وعدم إخراجها وإخفاؤها والاستحياء من حالتها؟ أليست هذه مسؤولية الأهل، (الأب والأم والإخوان والأخوات) ؟،
يجب أن تكون هناك وقفة منصفة، ولابد لنا من أن نفيق ونعي أن الله عز وجل يختار لنا ما يريد، لا ما نريد نحن، لا بد أن نعرف أن ما يقع للإنسان من مصائب ونكبات إنما هي اختبار لإيمانه وصبره وقوة تحمّله، والله عز وجل يجزي الصابرين، لكن الصبر وحده لا يكفي، بل لا بد من أن يكون هناك إيمان بإرادة الله عز وجل، والتأمّل في سر اختياره لنا باختبار تحمّلنا للمصائب، فكلّنا مررنا بمصائب وعثرات، ولكن مصائبنا وهمومنا مختلفة ومتفاوتة بشدتها، وابتلاؤنا بأبنائنا هو قضاء من الله وتقدير.
حتى نكون أكثر رضًا علينا أن نساوي بين أبنائنا ولا نفرق بينهم ونحميهم ونرعاهم ونعلمهم، وهذا ليس واجب الأسرة فقط، بل واجب المجتمع بأسْرِه. يجب ألّا ننظر نظرة دونية، أو نستحقرهم، فأبناؤنا المعاقون فتيات أم ذكور، علينا حمايتهم وعدم الاستخفاف بهم أو بقدراتهم، وليس مطلوبًا فقط حمايتهم، إنما رعايتهم وتأهيلهم للاندماج في المجتمع ليكونوا أعضاء عاملين حسب قدراتهم وإمكاناتهم، والعمل على تكثيف الوعي المجتمعي بالتزام الخلق الإسلامي، بالندوات والمحاضرات ووسائل الإعلام كافة.
ودمتم طيبين
