في عيد الأم…فلتُقطع أياديهم يا أمي….

أسامة الرنتيسي
 
بالله عليكِ يا سيدتي، لا تَمُدّي يديك يا أمي يا أميرة الأمهات، فاليومَ يحتفل العالم بعيد الأم، ولكِ أن تُشعلي شموع الفرح متى تشائين، لا أن تَمدّي يدكِ طالبة العون والمساعدة من أحد، فأنت العون وأنت الحياة.
مُجرمٌ مَن أوصَلكِ يا أمّي إلى هذه الحال، فأنت  رمزُ العطاء دائمًا، ومِن يديك يتفجّر الكرم وقلبك ينبوع الحنان.
يا أمّي لا تنتظري مِن المؤسسات الدولية  يَدَ العوْن، فهي شريكة في الجريمة، لأن الذين أسسّوها هم المجرمون حقًا، وهم القادة الذين جاؤوا في غفلة من الزمان، فأنت مصنع الرجال، وأنت من تنحني لها الجباه.
في الصورة امرأة عراقية من ضحايا اللجوء، من الموصل، تنتظر دورها أثناء توزيع مساعدات انسانية من الصليب الأحمر للأسر المُهجّرة.
يا أمّي، نعيش هذه الأيام ذكرى الحرب الأميركية على العراق، ويحتفل بوش الصّغير ورجالاته بما تحقّق من انتصارات وهمية..هم لا يعرفون يا أمّي أن  انتصاراتهم لا تساوي أن تَمدّي يديك طالبة المساعدة لتوفير لقمة خبز، هم لا يعرفون أن  مغانم “ديمقراطيتهم الموهومة” جميعها لا تساوي دمعة من عينيك.
يا أمّي أنت أكبر منهم جميعًا، منذ أشعلت الحطب تحت قِدر يطبخ الحصى لإسكات  صغارك الجياع، فأدمى ذلك قلب إبن الخطاب.
المرأة العراقية، تحتفل اليوم بعيد الأم وهي ثكلى أو أرملة، مثلها مثل الأم الفلسطينية والسورية والليبية واليمنية..تبحث عن فرصة لتحقيق آمال عيالها، وتأمين العيش لصغارها اليتامى، كما أنها تتحدى الصّعاب لاستمرار  الحياة، وهي صبورة تحمل أحزان الدنيا وأعباء الحياة، وترسم على وجهها المُتعب ابتسامة أمل لا تنتهي.
المرأة العراقية كما النساء الصابرات كلهن، من طراز خاص لا شبيه لهن في الكون، علَمتها الحياة ألّا تنحني في مواجهة الصعاب، بل هي شوكة في وجه الغدر، ففي زمن الحروب هي أم وأخت وزوجة مساندة للرجل في القتال، وفي السّلم حبيبة محبة للحياة والعطاء وكل شيء جميل.
كلهم مجرمون يا أمّي، يجب أن تُقطّع أياديهم، قبل أن تشتد عليك أنياب الجوع وصرخة الأطفال، لتقفين في طابور تَمُدّينَ فيه يدك بانتظار مساعدة.
يا أمّي…أنت وجع العراق.. ووجعنا جميعًا.
أعيديها أيّتُها الشامِخة شموخ بابل وسومر، أعيديها فما من كرامة سيمنحونها لك، فأنت مَن منحهم كرامة التاريخ، وعبق الماضي.
في عيدك، عيد الأمهات أقول: موتي جوعًا يا أمّاه، لأفتح بسخرية عليَ وعلينا جميعًا ديوان ابنك السيّاب وأقرأ منه:
“أماه ليتك لم تغيبي خلف سور من حجار
لا باب فيه لكي أدق ولا نوافذ في الجدار”.
 

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

ارتفاع تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر بالربع الأول 14.3% ليسجل 240 مليون دينار

الأول نيوز – ارتفع تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر في الربع الأول 2025 بنسبة 14.3% مقارنة …