الأول – من موقعه المطل على تفاصيل المواقف العربية من الملفات الساخنة، لا يرى رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الاعيان ناصر اللوزي، بدا من اجتراح مقاربة عربية تعيد التضامن الى واجهة العمل الموحد الذي سينعكس على طبيعة الحلول للشائك من الصراعات التي تعصف بالمنطقة العربية.
يتحدث اللوزي مستحضرا قمة “الوفاق والاتفاق” التي انعقدت قبل 30 عاما في عمان، آملا أن يكون المكان والتوقيت عنصرين ضاغطين على القمة المقبلة لتسفر عن نتائج تنتظرها الشعوب العربية، وانفاذا للمساعي الى يبذله جلالة الملك عبدالله الثاني لتكون قمة عمان قمة للتوافق العربي.
وقال اللوزي لوكالة الانباء الاردنية، ان الاردن يمتلك الخبرات المتراكمة في ايجاد قواسم مشتركة تعزز قيم العمل العربي، املا بحدوث اختراقات وبلورة مبادرات تبلور التوافق العربي.
واضاف ان الدفع باتجاه إعادة الزخم لعملية السلام، وإعادة القضية الفلسطينية الى الواجهة نظرا لتسارع الإحداث اصبح ضرورة ملحة، وان التوافق على مبادرات تجاه الملفات الذي يحتدم الصراع حولها، مثل الملف السوري واليمني والليبي، هو مسعى تعمل عليه كافة الاطراف، مشيرا الى ان مشاركة عدد المنظمات الاقليمية والدولية، قد يعزز فرص نجاح هذه المبادرات.
واكد ان التوافق والتكامل يجب ان لا يقف عند حد المواقف السياسية ومتطلباتها، وانما يجب ان يتعداه ليشمل المواقف في مجالات العمل كافة.
و يتساءل اللوزي : ما الذي يمنع ان يكون هناك إقليم عربي يتعامل ويتفاعل بينيا وإقليميا ودوليا مع المتطلبات ؟ و لماذا لا تتم إعادة تأهيل اقتصادات الدول العربية التي تعاني من وضع اقتصادي غير مستقر، وصولا إلى تحقيق المنفعة المتبادلة في الاستثمار؟ واكد ان اعادة ترتيب الاولويات وفتح المجال الجوي والتنقل هي قضايا مهمة في العمل العربي المشترك ، وتؤسس لحالة عربية اكثر تمساكا وقدرة على مواجهة التحديات.
وفي مقاربة ذات مغزى، اكد اللوزي: علينا النظر بايجابية كبيرة الى زيارة خادم الحرمين الشريفين الى الاردن قبل القمة في ختام جولته خارجية. فالحضور المبكر للعاهل السعودي يكتسب اهمية كبيرة نظرا لطبيعة الملفات التي تلقي بظلالها على القمة.
وهو يرصد الظروف الأمنية والاقتصادية والإنسانية التي تعاني منها عدد من الدول العربية ، فانه يأمل ان يتحقق الاستقرار والطمأنينة لتعود الى المسار الصحيح قائلا ” بالمقابل هناك دول تسعى لترتقي الى مصاف الدول المتقدمة”.
تحديات الاقليم وقال ان حجم التحديات في البيئة الإقليمية والدولية ، خلط الأوراق، وساهم في اعادة ترتيب الاولويات، فالحديث عن السلام والقضية الفلسطينية تراجع امام ضغط ملف الارهاب ومكافحته ، “نتطلع ان يحتل ملف القضية الفلسطينية موقعا متقدما على جدول اعمال القمة” .
ونظرا لخطورة الارهاب ومآلاته اضاف اللوزي: من غير الجائز ان تبقى المعالجة في إطارها العسكري فقط ، لابد من تكاملية في الاجراء ، فالعمل العسكري لا بد ان ترافقه اجراءات في الجوانب الفكرية لدرء هذه الآفة العابرة للقارات.
يتوقف اللوزي ، عند سلسلة من العمليات الارهابية التي حاولت النيل من استقرار الاردن وأمن مواطنيه ، ليقول في هذا الصدد : تعرضنا في مرحلة الستينيات والسبعينات الى خطف الطائرات ، كما عانت بعثاتنا الدبلوماسية من ويلاته في عدد من دول العالم ، ولم تتوقف شروره بل تجاوزت على مؤسساتنا الوطنية ، واليوم نرى خطره ماثلا قرب حدودنا. لهذا يقف الأردن بكل قوته في مواجهة الارهاب، وهو مشارك في التحالفات والقوى الساعية الى اجتثاثه .
يتابع في الاطار ذاته قئلا: الاردن اسهم وما يزال في تدريب ومساعدة بعض الدول العربية لتجاوز أزماتها ، وعلى رأسها السلطة الوطنية الفلسطينية الى جانب العراق ودول اخرى.
وعلى الرغم من تزاحم الأزمات يرى اللوزي، ان القضية الفلسطينية ستفرض وجودها ليس فقط على اجندة القمة، بل على كل تحركات العمل السياسي الأردني، لان التطور في الموقف الداعم لها سيكون له تاثيره على استقرار الإقليم والمنطقة عموما.
واوضح ان المطلوب من القمة انجاز مقاربات لكل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية من حيث حل الدولتين، واقامة الدولة المستقلة للشعب الفلسطيني وعاصمتها القدس الشرقية، ومواجهة سياسة الاستيطان ويهودية الدولة، فكل هذه القضايا لا شك في انها تقع في صلب اهتمام القادة العرب.
يدرك اللوزي ان “التوصل الى تفاهمات حيال الأوضاع العربية الضاغطة ضرورة استراتيجية ، فالامة العربية تعاني اليوم من ازمات مقلقة اثرت على انسانه واقتصاده وامنه ” علينا اسقاط الحسابات الضيقة ، لصالح ايقاف الصراعات الإقليمية التي تدمر امتنا وتاريخها العريق” . ولفت الى ان الاردن يتاثر بما يجري حوله ، وعلى اكثر من صعيد ولا بد من وضع حد للصراعات المحيطة بالاردن ضمن منظومة شاملة .
مقاربات لحلول وليس قرارات فالمطلوب وفقا للوزي، “التوصل الى مقاربات وليس قرارات لحملها للعالم مع اداركنا الواضح الى اننا سنصطدم بتجاذبات المجتمع الدولي او ما يعرف بحق النقض الفيتو”.
ولا يتردد اللوزي عن القول: ان ما يحدث في سوريا والعراق واليمن وليبيا ،امر بالغ الخطورة ، لذلك فان اعادة الهدوء والاستقرار لهذه الدول اولوية تضاهي ما سبق التحدث به من اولويات. وقال ان “الاردن يدرك جيدا تداعيات الحرب الدائرة في هذه الدول ، لذا فهو يبذل ما في وسعه لوقف الاقتتال الدائر سواء بالتواصل مع أصدقاء كل سوريا واليمن الى جانب مشاوراته مع القيادات المؤثرة عربيا ودوليا لوضع حد لهذا التدهور”.
واضاف: بكل تاكيد ان الأردن يرغب بتامين البيئة الجيدة لضمان رسم طريق عربي وموقف عربي موحد ، فالمشاركة بلا شك ستكون على مستوى رفيع نظرا للعلاقة المتميزة والوثيقة التي تربط جلالة الملك عبدالله الثاني مع أشقائه من الزعماء العرب . ولفت الى ان اللقاءات الفردية بين الزعماء العرب لا تقل اهمية عن لقاء القمة في تحريك الوضع القائم لصالح التضامن والتوافق. وقال : نعم نحن متفاؤلون، لكن لا نريد ان نرفع سقف التفاؤل، وبكل الاحتمالات مقتنعون وان شاء الله تبدا مرحلة رئاسة الاردن للقمة لسنة القادمة لما فيه خير الامة.
واعتبر اللوزي ان الملف الاقتصادي مقلق ليس محليا بل وعربيا كذلك، فلا بد من تناوله على طاولة القمة باستفاضة، و قال: ان عهد المساعدات المباشرة ذهب ولن يعود، ولابد من التكامل الاقتصادي والاستفادة من إمكانات الدول، سواء بالتمويل او العمالة ، الى جانب امكاناتها في حجم الاسواق، فهذا يؤسس لعلاقة تكاملية مبينة على عناصر القوى العاملة والجغرافيا والمال وحجم التبادلات الاقتصادية.
واكد على ان الاردن يجب ان يكون واضحا في شرح حجم تأثير اللجوء السوري على اقتصاده وعلى بنيته التحتية، وعدم التزام بعض الجهات الدولية تجاهه في قضية المساعدات، وقال:”علينا إظهار ما هي الضغوط الاقتصادية والأمنية التي يتعرض لها الأردن ، وما هي الحلول العملية المقترحة. ان الحل يجب ان يكون متعدد الاغراض بصفتها ملفات شائكة ومترابطة.
وعن الحديث الدائر في الأوساط، بتبني الأردن مبادرات، اشار اللوزي الى ان الاردن ليس وحده المعني، فهو صاحب الدعوة، والمكان وسيرأس القمة للسنة القادمة. واعتبر ان انعقاد القمة في هذه المرحلة هو تصويت على الثقة بالاردن قيادة وشعبا، وهو تصويت عن قناعة بان الاردن يملك المقومات التي تؤهله لصوغ مقاربات التقاء وتوافق في وجهات النظر.
الجامعة العربية: ضعف يمكن علاجه يسوق اللوزي اسبابا منطقية أدت الى ضعف الجامعة العربية وتراجع دورها، وقال : الصراعات والتقوقع داخل المفردات، او الاقاليم والدول يعد سببا رئيسا في هذا التراجع ، الى جانب عودة القطريات التي قد قد تكون العمالة والاقتصاد والتمويل والخيرات والثروات من اسبابها. علينا أن لا نهمل ايضا عوامل تركيبات الجغرافيا والديموغرافيا ، مرورا بانظمة الجامعة منذ التأسيس التي تنص على الاجماع في تنفيذ القرارات . واوضح ان :”الاجماع قضية صعبة ولن تمكننا من العمل والنهوض بقراراتنا . واورد اللوزي مثالا اوروبيا لافتا الى ان الخروج من الاتحاد الأوربي يتطلب موافقة( 50 في المائة+ واحد من اعضاء الاتحاد)، ليخلص الى الاستنتاج بان الاجماع في الديمقراطيات وحياة الشعوب امر مقبول. وزاد في السياق ذاته ان “الخلافات حول مبدأ الزج بلاعبين آخرين في المنطقة العربية مع إمكانياتهم العسكرية والمالية والإستراتيجية ساهم أيضا في تراجع العمل المشترك ، لان أساس هذا العمل هو الجامعة العربية”.
وقال ان رئاسة الأردن للقمة لعام قادم، الى جانب المكانة الدولية والاقليمية لجلالة الملك ستكونان بالتاكيد عاملين يسهمان في تحريك الملفات العربية الملحة، واعادة الزخم لعملية السلام ، ووضع اسس لتحريك ملف القضية الفلسطينية لانها الأساس في المنطقة . واشار الى ان غياب الحل الواضح والقابل للحياة يعني مزيدا من الصراعات والإشكالات. نأمل أن يفوض القادة العرب رئيس القمة – خاصة في ظل اللقاء المرتقب ما بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الأميركي، وقد يشكل هذا التفويض مفصلا مهما في مسار القضية ، وامكانية إحداث اختراقات طفيفة في هذا الملف العربي الاستراتيجي، وغيره من الملفات ، فالولايات المتحدة ،وكما هو معروف هي الفاعل الرئيسي في ملف عملية السلام العربية ،و تكمن اهمية الأردن، ايضا لانه صاحب الوصايا وخادم المقدسات الإسلامية والمسيحية.
اللوزي يخلص الى “اننا نجحنا في حماية الأردن من كل الصراعات التي حولنا، وان شاء الله سنكون قادرين على حماية المقررات وما ستخلص اليه قمة عمان”.-(بترا)