السبت , أكتوبر 19 2024 رئيس التحرير: أسامة الرنتيسي

سيناريوهات لحل القضية الفلسطينية في قمة "النَّعَم" بالبحر الميت

أسامة الرنتيسي
 
 

  • استبدال لاءات الخرطوم بنعم البحر الميت
  • مشروع دولي بمباركة عربية لإنهاء القضية الفلسطينية
  • حل الدول الثلاث يعتمد على الأردن ومصر وإسرائيل

 
مثلما دفعت ظروف الهزيمة في نكسة حزيران عام 1967 القمة العربية في مدينة الخرطوم السودانية إلى تَبنّي قرارات ساخنةٍ، وإعلان اللاءات الثلاث “لا صُلحَ، لا تَفاوضَ ولا اعتراف بإسرائيل”، تَتّجه قمة البحر الميّت ــ مع الهزيمة النفسانية التي لحقت بالشّعوب العربية، وحالة التّمزُّق الشديد في بنيان النظام الرسمي العربي ــ إلى إعادة إحياء المبادرة العربية وشطب اللاءات الثلاث واستبدالها  بثلاث نَعَمٍ، اثنتان منها أقِرّتا منذ زمن؛ “نعم للصلح، نعم للتفاوض”، وأبقوا على الأخيرة (نَعَم) للاعتراف بإسرائيل.
لنتذكّر أن القمة العربية الرابعة في العاصمة السودانية الخرطوم  عُقِدت من 29 أغسطس/آب إلى 1 سبتمبر/أيلول 1967 بُعيد هزيمة حزيران، التي احتلت القوات الإسرائيلية خلالها الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وسيناء، يومها حضرت الدول العربية جميعها القمة باستثناء سورية التي دعت إلى حرب تحرير شعبية لمكافحة إسرائيل.
في تلك القمة ومع أجواء الهزيمة تَجلّت المصالحات العربية، فتم الصُّلح بين أكبر زعيمين عربيين حينها، هما الراحلان الرئيس المصري جمال عبدالناصر والملك السعودي الملك فيصل.
رغم النفي المتكرر لوجود أي سيناريوهات لحل القضية الفلسطينية، تأتي قمة البحر الميّت في ظروف متشابهة، فحالة الهزيمة مُسيْطِرة على عقلية مَن تبقى مِن النّظُم العربية الرسمية، والشعوب العربية في حالة إحباط شديد، كما تغيب سورية عن القمة، يرافق هذا ترؤُّس الولايات المتحدة الأميركية شخصية غريبة الأطوار، فأول ما فَكّر به ترامب هو نقل السفارة الأميركية إلى القدس، ويرأس إسرائيل حاليًا أكثر شخصية تطرفًا ودمويّة، فلا يعترف نتنياهو إلّا بيهودية دولة إسرائيل.
 وفي الأساس أيضًا؛ الوضع الفلسطيني في أسوأ حالاته، بعد انسداد الأفق وعبث القيادة الفلسطينية بعناوينها كافة ــ في رام الله وغزة ــ بالمشروع الوطني الفلسطيني، بحيث لم يَعُد منهم مَن يَتمسّك بالثوابت، فإذا لم ينجح حل الدولتين تَقبل القيادة بحل الدولة الواحدة، ولا مانع لديهم مِن حل الثلاث دول.
وحل الثلاث دول لِمَن يستغرب هذا الطرح، موجود في العقل الإسرائيلي منذ عشرات السنين، فهو يعتمد على حل إقليمي يعترف بإسرائيل والتطبيع معها، وعلى اتفاقيتي كامب ديفيد ووادي عربة، وهذا منصوص عليه في المبادرة العربية في بيروت عام 2002.
معالجة موضوع الشعب الفلسطيني تقوم على أربعة تجمعات، تجمع الفلسطينيين داخل إسرائيل، وآخر في الضفة الغربية، وثالث في قطاع غزة، ورابع هم اللاجئون في الشتات.
الفلسطينيون في إسرائيل هم  في الأساس مواطنون إسرائيليون، ويحملون جنسيتها، وهم فى النظرة العربية  قد تخلّصوا من فلسطينيتهم بعدما أطلق عليهم اسم “عرب إسرائيل”، ومشكلتهم سهلة، مع المستقبل يذوبون في المجتمع الإسرائيلي، ومَن لا يرغب بهذا الحل، فاليرحل إلى الضفة الغربية.
ما تبقى من الضفة الغربية يوضع على كتف الأردن في إطار اتحادي يتفق عليه الطرفان الفلسطيني والأردني، بعد أن يحمل مَن تبقى مِن الفلسطينيين في الضفة الغربية الجنسية الأردنية باعتبارهم مواطنين أردنيين، ويُنظّم  الفلسطينيون في هذه الحالة أوضاعهم بإدارة ذاتية، وهنا نتذكر أفكار شمعون بيريز حول التعاون الإقتصادي الثلاثي (إسرائيلي – فلسطيني – أردني)  في إطار كونفدرالية إقتصادية.
قطاع غزة ـــ لاحظو حجم التغييرات في بنيان حركة حماس في الفترة الأخيرة، والوثيقة السياسية التي أصدرتها، التي من خلالها قد تصل إلى أوسلو جديد مُلتحٍ بعد استبدال القيادات ــ  يوضع القطاع على كتف مصر، ونعود لمشروع الرئيس الإخواني المصري المخلوع محمد مرسي بتوسيع مساحة القطاع لتخفيف الاكتظاظ السكّاني على حساب أراضٍ من سيناء، وتحسين أحوال سكان القطاع بإنشاء مرفئ ومطار حتى لا تفقد قيادات القطاع شكل الدولة ومظاهرها.
عُقدة القضية الفلسطينية هم اللاجئون، وحق العودة يُشطب مِن عدة منافذ، على قاعدة توطينهم حيث يوجدوا، وهذا ما نصّت عليه بالضبط المبادرة العربية، وإعادة تأهيل مخيماتهم لتحسين ظروف سُكْناهم، ويبقى هذا التجمع يحمل اسم الشتات، وقد يكون على هذا الأساس عُقِدَ تجمّعٌ كبيرٌ للشتات في اسطنبول الشهر الماضي، وقد داعب صحافي قبل أيام أصدقاءه بأنه من الآن “ليس فلسطينيًا ولا أردنيًا من أصل فلسطيني بل من الشتات”.
 في بطن مؤتمر القمة العربية في أخفض بقعة في العالم مشروع دولي يعتمد على حل إقليمي بمباركة عربية شاملة، لإنهاء القضية الفلسطينية وتوزيع تركة نكستها بين الأردن ومصر وإسرائيل، وهذا ما سيحمله إلى واشنطن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وعلى أساسه تمت دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للقاء ترامب الذي أعلن منذ أيامه الأولى في الرئاسة إسقاط مشروع الدولتين.
 سيناريوهات تبدو صعبة التطبيق وتتعارض مع مصالح دول وخاصة الاردن، لكن ايجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية بات امرا ملحا لان ملفات ساخنة كثيرة يمكن تبريدها على وقع تبريد القضية الفلسطينية.
 
 
 

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

أجواء خريفية لطيفة حتى الثلاثاء

الأول نيوز – يكون الطقس السبت، خريفيًا لطيفًا في أغلب المناطق، ومعتدلًا في الاغوار والبحر …