أسامة الرنتيسي
فقط؛ منذ عهد السّجين الذهبي، دخل جهاز المخابرات العامّة خط الإعلام، وأصبح تغيير رأس الجهاز مادة إعلامية في المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، ولا أدري إن كانت الحالة ستصل إلى الصحافة التقليدية.
مواقع وصحافيون يتحدثون عن خلفيات القرار، وعن توقيته، وأن القرار تأخّر لظروف مُعينة، وفَرضَ سِياقَه بعد أن تكشّفت ثغرات، لا بل يتحدثون عن مهنية الجديد، على اعتبار أنهم خبراء في علم المخابرات والاستخبارات، ويتخرّصون على القديم، وشخصنته.
في العهود الماضية، كانت صورة مدير المخابرات نادرة، لا تظهر في الإعلام إطلاقًا، أمّا الآن فالقارئ والمتابع يشعران أنّه صديق الصحفيين، وقبل قرار تعيينه كان على موعد مع عددٍ منهم.
لا أدري إن كانت هذه الحالة لمصلحة الجهاز والبلاد أولًا، ولمصلحة الإعلام ثانيًا، والأهم لمصلحة المواطنين ثالثًا.
لنترك هذا التّطوَّر لدراسة صُنّاع القرار، لعلّهم يفيدوننا إن كانت هذه حالة صحية أم غير صحية، ولنلتفت في الإعلام ــ على الأقل ــ لحالة القلق الذي ترتسم ملامحه على وجوه العامة، وحالة الاضّطراب على وجوه الرسميين، والقلق الوجودي لدى الاقتصاديين وأصحاب المؤسسات الخاصة.
في البلاد حالة اقتصادية مُرعبة ومُستعصية، ومع هذا ترفع الحكومة أسعار مواد الوقود مع أن أسعار النفط في كل بلدان العالم باتجاه الهبوط، ما عدا عندنا في الأردن، حتى يصل الأمر بنقابة أصحاب محطات المحروقات إلى أن يَبُقّوا البحصة ويقولوا بالصّوت العالي: إن الحكومة تستغفل المواطن الأردني، فكان على الحكومة أن تُخفّض أسعار الوقود، لا أن تُثبّتها وتفرض ضريبة عليها .
لا تُصدّقوا الأرقام الرسمية، التي تَخرج من أفواه المسؤولين، ما عليكم إلّا مُتابعة عدد الشركات المُتعثّرة، والمؤسسات التي لا تدفع رواتب موظفيها، والتسريحات بالجملة من المصانع والشركات، والديون وفوائدها التي تُثقل كواهل مؤسسات رسمية وشبه رسمية، إضافة إلى فوائد ديون الدولة المُرعبة أكثر.
في البلاد أيضًا فساد عام في منظومة الأخلاق، فهناك من حمل السلاح ودافع عن سارقي المياه، وهناك من دافع يومًا عن طلبة توجيهي غشّاشين، وهناك أشخاص يعملون في عدة وظائف في الوقت نفسه، ويتقاضون رواتب وتنفيعات من أكثر من جهة، ويتحدثون عن الأخلاق.
هناك مسؤولون مؤبّدون في مناصبهم، في مؤسسات رسمية وشعبية، يحتاجون إلى وقوع زلزال حتى تتداعى الكراسي من تحتهم، فهم لن يغادروها إلّا إلى سحاب، لأنهم لا يؤمنون بتجديد الدماء، ودورة عمر السنوات، وسُنّة الحياة.
بدل أن يخوض رجال الإعلام في قرارات سيادية، لا يُمكن الوصول إلى الاسباب الحقيقية لخلفية القرار، عليهم أن يجتهدوا في البحث عن معالجات جذرية للواقع الذي نعيش، وليومياتنا الغريبة، التي أصبحت عنيفة وخشنة وفيها جرائم قتل واعتداءات لم يتعوّد عليها مجتمعنا، حتى نضمن ألّا نسير إلى المجهول أكثر فأكثر.
في تكتيك صناعة القرار في الدولة الأردنية، لا أحد يعرف بالضبط لِمَا يتم تكليف رئيسِ وزراءٍ وإقالة السّابق، وهذا ينسحب على المواقع القيادية العُليا، ويُترك الأمر لخصوبة الرّوايات الشعبية، وما تجود به ذمم الرّواة على رأي الصديق النائب السابق الصحافي جميل النمري.
الوسومأسامة الرنتيسي الأول الاردن مدير المخابرات
شاهد أيضاً
القبض على احدى سارقي السفارة الأردنية في باريس
الأول نيوز – قالت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، إن السلطات الفرنسية ألقت القبض على أحد …