الأول – تحسنت الأوضاع الأمنية نسبياً في كثير من مناطق الصراع بنهاية 2016 ليتمكن نحو مليون من إجمالي 3.2 مليون نازح يمني من العودة إلى ديارهم بعد معاناة شديدة. غير أن العائدين مازالوا يواجهون العديد من المعوقات في مناطقهم التي عادوا إليها. وذلك يزيد من صعوبة الحياة عليهم حيث يعاني غالبيتهم من نواحي ضعف بسبب تجربة المعاناة التي مروا بها.
جاءت تدخلات “النقد مقابل العمل” كأفضل الحلول لتشجيع النازحين على العودة إلى مناطقهم التي فروا منها مسبقاً، و تهدف هذه التدخلات في الوقت الراهن إلى تقديم الدعم للعائدين والمقيمين في قرية العقمة بتعز على سبيل المثال. وهذا مثال على جهود الإنعاش المبكر ومحاولة مساعدة الأهالي في الحصول على وسائل كسب رزقهم مع توفير النقد لشراء احتياجاتهم الأساسية إلى أن تتمكن تلك الوسائل من البدء في الإنتاج ومن ثم إدرار العائد المادي.
بمطلع العام 2016، دخلت مديرية موزع والتي تبلغ نسبة الفقر فيها حوالي 90%، حالة حرب شهدت استخدام كافة أنواع الأسلحة التي شردت وقتلت الكثير من المدنيين وهددت استقرارهم. كما تسببت الحرب هنا بنزوح عشرات الأسر الضعيفة. ومن بين قرى المنطقة “العقمة” والتي يقطنها نسبة عالية من الفئات المهمشة بمعدل بطالة قاربت 95%.
خلال تلك الفترة فر العشرات من الأسر من قرية “العقمة” لتقيم بدون مواد إيواء في مناطق مجاورة بلغ العنف في بعضها وتيرةً أعلى من القرية نفسها. بدأ الهدوء يتدرج في العودة إلى “العقمة” دون عودة سكانها الذين ظلوا بدون مساعدات ولا أمن في مناطق نزوحهم مثل البرح والمخاء المعافر.
وهنا تدخَّل برنامج النقد مقابل العمل الذي شجع 150 أسرة نازحة على العودة وتحقيق الاستقرار لهم بباقة من مشاريع مدرة للدخل شاركت فيها 510 أسرة بإنشاء بنى تحتية متعددة في القرية والحصول على أجور العمل بقيمة إجمالية 500 ألف دولار.
“خميسة سلطان من الفئات المهمشة أرملة تعيل 8 أطفال، عملت في البرنامج واشترت بأجرة عملها الغذاء لأطفالها. ومع دعم مالي اضافي من منظمة أخرى قامت خميسة بشراء جمل. عندما استلمت مبلغها قالت (اشتريت برو للجهال ووفرت قليل بيس كملت قيمة الجمل). وتستخدمه حالياً في نقل المواد الغذائية والحطب والعلف للأهالي مقابل رسوم أو حبوب”.
وطبقاً لما قاله عبدالكريم موسى صاحب عضو لجنة التطوع في العقمة، فقد عانت أغلب الأسر من انعدام الأمن الغذائي حيث اكتفت معظمها بتناول الخبز مع الشاي في معظم الوجبات بالإضافة إلى أن هذه الأسر اضطرت إلى حرمان أبناءهم وبناتهم من الالتحاق بالمدرسة للاستعانة بهم في أعمال الرعي. بدأ الرجال لأول مرة باستثمار إمكانات البرنامج والعمل جنباً إلى جنب في بناء المسقط المائي ومصدات مياه السيول في وادي العقمة وإصلاح قنوات الري المتفرعة منه، وإعادة تأهيل الأراضي الزراعية، بينما تساعدهم النساء في نقل الأحجار والمياه ليبدوا جميعاً كخلية نحل يملئون المكان بأغاني الفرح والعمل.
استفادت الأسر المشاركة من النقد الذي اكتسبتها لشراء طعامهم وحاجياتهم. جميع أهالي قرية العقمة كسبوا مشروعآ لحماية أراضيهم واستعادوا زراعتها واستفادوا من محصولها وكسبوا مالآ استطاعوا بسببه الاستقرار وشراء أهم احتياجاتهم بالإضافة إلى شراء الحيوانات.
غانم أحمد أحد مستفيدي الحدائق المنزلية “كنا كرهنا العيش من شدة مذلة الفقروقلة الحيلة. أما اليوم فالحمد لله أمتلك حديقة ءأكل من خيراتها أنا وأسرتي. استفدنا من البقل والخيار والبامية، كنا نأكل خبز وشاهي أو وزف مع الخبز. الآن نقطف قليل بامية ونضيف له حبه بيض وصلحنا وجبة. الان مستعد أسوي حديقة اكبر من هذه من أجل غذاء أسرتي وأطفالي.”