أسامة الرنتيسي
حيث كانت دماء الأشقاء في مصر في كنيستي طنطا والاسكندرية تملأ فضاء العالم عبر ما ينقل من الفضائيات، احتفل المسيحيون بأحد الشعانين، ويحتفلون الأحد المقبل بعيد الفصح المجيد، فكل عام والجميع بألف خير وبهاء.
يأتي الاحتفال هذا العام في ظل ازدياد المخاوف التي يولّدها التطرف المنتشر في بلادنا العربية، وفي ظل توسع النزاعات التي في جذرها غير المخفي نزاعات طائفية، يتم فيها القتل على الهُوية والاسم، ولهذا تزدحم كنائس الأردن بالمهجرين المسيحيين من العراق وسورية، بعضهم يضع الأردن محطته الأولى للهجرة إلى خارج العالم العربي، وبعضهم الآخر لا يملك مقومات تأمين الهجرة، فينتظر إلى حين يستتب الأمن في بلاده ليعود إلى وطنه وبيته وأهله.
قبل سنتين، كشف رئيس المعهد الملكي للدراسات الدينية د. كامل أبو جابر عن أرقام مرعبة حول انخفاض أعداد المسيحيين في الأردن بنحو 3%، والأكثر رعبًا كان هناك دراسة كشفت عنها دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية في تقرير عنوانه”عزل وظلم: عيد الفصح تحت الاحتلال” عن تسارع وتيرة هجرة المسيحيين من الأرض المقدسة منذ عقدين، وأن هجرة المسيحيين متواصلة وبتسارع.
ونتج عن ذلك انخفاض حاد في عدد المسيحيين في القدس وبقية الأرض الفلسطينية المحتلة، ما أدى إلى التراجع التدريجي للوجود المسيحي والطبيعة المسيحية للمدينة المقدسة.
أرقام أبو جابر، أرجعت أسباب تراجع عدد المسيحيين في الأردن إلى عوامل عدة، ارتبط بعض منها بالظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والخصائص الثقافية والمهنية، إضافة إلى الهجرة وجاذبية الدول التي هاجروا إليها .
اما تقرير منظمة التحرير فقد أفاد بأن الأسباب التي تدفع المسيحيين إلى الهجرة هي نقص الحرية والأمن والتدهور الاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي والتعليم خارج البلاد ولمّ شمل العائلات والجدار الإسرائيلي والحواجز العسكرية والتطرف الديني.
مهما تكن الأسباب، فإن تفريغ الأرض العربية من أحد عناصر مكوناتها الأساسية (ملح الارض وقرامي البلد مثل ما يسميهم المعلم محمد داوودية دائمًا) جريمة مكتملة العناصر، وتفريغ القدس تحديدًا مِن أحد جدران حماتها الحقيقيين، هي سياسة صهيونية تعرف جيدًا حقيقة المسيحيين العرب.
وحتى لا نفعل مثل النعامة وندفن رؤوسنا في الرمال، لنتحدث بصراحة، إن حجم القلق لدى المسيحيين العرب، ليس في الأردن وفلسطين تحديدًا، بل في معظم الدول العربية، في ازدياد منقطع النظير، وتضاعف أكثر بعد مُخرجات الربيع العربي، وسيطرة الخطاب الديني على الخطاب المدني، وأصبحت المجتمعات مختطفة للطروحات الدينية والمذهبية والصراعات الطائفية، وبعد ظهور عصابة داعش وممارساتها الاجرامية في العراق وسورية وليبيا ارتفع منسوب القلق أكثر وأكثر.
هل يُنكر أحدٌ أن تصريحًا لشيخ يدعو فيه إلى هدم الكنائس في الجزيرة العربية جميعها، لا يمكن أن يمنح الاطمئنان لأي مسيحي حتى للمسيحي العِلماني، كما أنه لا يمنح للمسلم الشعور بالأمان من سَطوة رجل الدين إن وصل إلى السلطة، واصبحت الفتاوى نظام حُكم لا قانونًا.
وهل يُنكر أحدٌ أن كثرة الفتاوى وبعثرتها، وتدخلها في شؤون الحياة، تسبب رعبًا للحياة المدنية.
وهل يُنكر أحدٌ أن تفجير كنيسة في مصر أو العراق، يجعل المسيحي العربي في هذه البلاد يُفكر جَدِّيًا بالبحث عن الأمن والأمان في أماكن أخرى؟
وهل يُنكر أحدٌ أن خِطاب التيارات السلَفِيّة الديني وتعاملهم مع أصحاب الديانات الأخرى، وخروجهم إلى شوارع الزرقاء حاملين سيوفًا، حتى وإن كانت بلاستيكية، يُثيران مخاوف المسيحيين العرب.
أقولها بالصوت العالي:إن بقاء المسيحيين العرب جزءًا أساسيًا من مكونات الأمة هو مصلحة وطنية للأقطار العربية والأمة بشكل عام وفلسطين بشكل خاص.
الوسومأسامة الرنتيسي الأول نيوز المسيحيون العرب داعش كنائس
شاهد أيضاً
5 شهداء في جنين والاحتلال يوسع اقتحاماته بالضفة الغربية
الأول نيوز – أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، عن استشهاد 5 فلسطينيين في محافظة جنين شمالي …