جُرأة الشواربة ومُكابَرة الحنيفات

أسامة الرنتيسي
 
موقفان رسميان وقعا خلال اليومين الماضيين، لا بد من التأشير إليهما حتى نفهم العقلية التي تقود العمل الرسمي، وأين أصبنا وأين أخطأنا.
الموقف الأول؛ أزمة في تصدير الخُضَر الأردنية إلى دولة الإمارات العربية، بسبب احتوائها على متبقيات المبيدات، خاطب وزير التغيير المناخي والبيئة الإماراتي وزير الزراعة الأردني بكتاب رسمي مؤرخ في 16 نيسان الجاري عن استمرار ارتفاع متبقيات المبيدات في الخُضَر الأردنية، مُذكرًا بخطاب سابق في 14 آذار العام الماضي، وبناء عليه تقرر حظر استيراد الكوسا والفلفل والملفوف والباذنجان والفول والزهرة والخس الأردني بكافة أنواعها، وباقي الخُضَر تحتاج إلى شهادة أردنية بعد 15 أيار المقبل تؤكد خلوها من متبقّيات المبيدات.
لا تحتاج القضية إلى فذلكة ودفاع ساذج مثلما فعلت وزارة الزراعة الأردنية التي نفت تبلّغها بأي قرار من دولة الإمارات؛ بوقف استيراد الخُضَر الأردنية.
بل تحتاج إلى مسؤول يتحمّل تداعيات الأمر، ويعترف بالخطأ ويَعِدُ بمعالجته، لا تكذيبه وكأنّه تفاجأ بالمعلومات.
ليست هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها الخُضَر الأردنية إلى منع تصديرها لدول الخليج، فقد عانت الزراعة الأردنية سنوات طوال، وحمّلت الحكومات المتعاقبة وسائل الإعلام التي نشرت تقارير عن  استخدام المبيدات في الزراعة اللأردنية بشكل مبالغ فيه، ما خلق انطباعًا لدى الدول المستوردة بوجود خلل ما في المنتوجات الزراعية الأردنية.
لو تجرّأ وزير الزراعة المهندس خالد الحنيفات واعترف بالمشكلة وقرر فورًا البدء  بمعالجتها لحصل على تقدير حُسن نوايا من الطرف الإماراتي، أمّا أن تنفي الوزارة علمها بالقرار، فهذا لا يختلف عن دفن الرأس في الرمال.
طبعًا، لن نتحدث عن الخُضَر التي يفرمها المواطن الأردني ولا أحد يدقق في نسب متبقيات المبيدات، لأنه إذا كانت الخُضَر التي  تُصدّر تحتوي على نسب عالية، فكيف الحال بالسوق المحلية.؟!
الموقف الثاني، ما سجّله بأحرفٍ من ذهب رئيس لجنة أمانة عمّان الدكتور يوسف الشواربة، عندما قدّم اعتذارًا سريعًا للمواطنين عن الأزمة المرورية على شارع الملك عبدالله الثاني صباح الاثنين، التي سببتها أعمال الصيانة على الدوار الثامن .
وقال: إن الأمانة تتحمل مسؤولياتها وتعتذر للمواطنين عن الإرباك والتأخير الذي لحق بهم نتيجة الأزمة المرورية التي حدثت، موضحًا أنّ خطأً حصل في تقدير الوضع المروري والتوقيت الزمني لتنفيذ تلك الأعمال.
اعتراف الشواربة بالخطأ واعتذاره عنه أزاح  كميات الغضب التي سكنت قلوب المواطنين الذين وقعوا ضحية الأزمة المرورية وتأخروا عن أعمالهم، لا بل حصل على إشادة حصرية بوجود مسؤول على رأس عمله يعترف بالخطأ ويعتذر ولا يكابر كعادة مسؤولينا.
 بين اعتراف واعتذار أمانة عمّان ورئيسها، ومكابرة وزارة الزراعة يظهر الفرق بين المسؤول الواثق مِن قُدراته، والمسؤول الذي يهرب إلى النفي والتكذيب.
المواطن  يحتاج  إلى المسؤول الصادق ليطمئن أن حياته ووقته على سُلّم أولويات صانع القرار، ولا يحتاج إلى المسؤول المتفذلك الذي لا يُعير آراء المواطنين أي اعتبار.
 

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

أسامة الرنتيسي –   الأول نيوز – تدخل مطعمًا يبيع الحمّص والفلافل لتناول وجبة فطور …