التضامن مع إضراب الحرّية والكرامة بانتفاضة ثالثة

أسامة الرنتيسي
 
لن يَترك الشعب الفلسطيني خيرة شبابه ومناضليه الأسرى في السجون الإسرائيلية يخوضون معركة الإضراب عن الطعام “الحرية والكرامة” من دون إسناد مباشر على أقل تقدير انتفاضة ثالثة تُعيد التوازن للشعب الفلسطيني، وتُجدّد هُويّته النضالية.
التصريحات التي يُطلقها زعماء الدولة العبرية، بأنهم لا يرون انتفاضة فلسطينية ثالثة على الطريق، هي محاولة لإضافة أوهام جديدة إلى عقول القيادة الفلسطينية في شطري الدولتين الكرتونيتين في رام الله وغزة، من أجل التنازل عمّا تبقى من أحلام وحقوق للشعب الفلسطيني.
فالفلسطينيون وصلوا إلى انسداد سياسي، ووقعوا تحت رحمة إملاءات وتطرف حكومة نتنياهو، التي تتفنن في الابتزاز وقلب الحقائق والدوس على القانون والشرعية الدولية.
إن عجز المنظمة والسلطة والمعارضة عن إيجاد البديل، يستدعي تدخل الشعب الفلسطيني على الطريقة التونسية والمصرية، وعلى طريقة الانتفاضة الأولى، تدخلًا يُغيّر قواعد اللعبة وميزان القوى،استنادًا لقوة الشعب الفلسطيني، وحالة الخراب التي أصابت بنيان الشعوب العربية.
تَدخُّل يحمي أحلام الشعب الفلسطيني، فقد مر أكثر من 40 عامًا، ولم يدخل تعديل أو إصلاح يذكر على مؤسسات المنظمة، ولم يتم إصلاح جدّي لمؤسسات السلطة المشوهة.
الشباب الفلسطيني يتلفتون حولهم على مشهد فلسطيني يومي مثير للأسى؛ احتلال “يعيش مرتاحًا” فوق الأرض الفلسطينية، وصفه الرئيس محمود عباس بأنه احتلال “خمسة نجوم”، ومقاومة شعبية متقطعة، ومقاومة مسلحة معلّقة حتى إشعار آخر، ويدخل الحديث عنها وفقا لقوانين السلطة الفلسطينية في باب المحرمات، يترافق ذلك مع مفاوضات متعطلة برغم بؤسها وذلها وعقمها، يتكشف يومًا بعد يوم حجم الإهانة التي ألحقتها بالشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية.
انقسام يدخل عامه العاشر، وقد فشلت محاولات إنهائه، وستفشل المحاولة القائمة حاليًا بمبادرة قطرية، وستكشف الوقائع عن أن ما يُعطّل إنهاء الانقسام، هي خلافات حول منافع سلطوية بعيدة كل البعد عن الهمّ الوطني الفلسطيني، وهي منافع لصيقة بمصالح فئوية تعيش حالة طفيلية على حساب المصالح الوطنية الفلسطينية، حيث تشرنقت في مواقف وتحت شعارات ضيقة الأفق، لا يتراجع  أصحابها عنها، ولا استعداد لديهم للخروج منها؛ ونخب ثقافية فلسطينية كانت في لحظة ما أملًا، تحوّلت إلى آلة دعائية طنّانة ترويجية لدى هذا التيار أو ذاك، ومواقف وشعارات وسياسات تكاد توازي النصوص المقدسة في الكتب السماوية، إذ أن المسّ بها كُفر وإلحاد وخروج على الخط الوطني.
الفصائل الفلسطينية،منذ سنوات اتسم عملها بالانتهازية المُفرِطة، ومن الواضح أن سلطة حماس في غزة ترى في اية انتفاضة جديدة فعلًا موجهًا ضدها، على أساس أنها هي سلطة الانقسام أصلًا، والذي أحدثته بانقلابها في حزيران (يونيو) 2007، ثم حافظت عليه من أجل تكريس نفسها نظامًا سياسيًا أو على الأقل شريكًا أساسيًا في النظام السياسي، في حين سلطة فتح في رام الله تريد الانتفاضة أن تبقى عند تخوم إنهاء الانقسام من دون إحداث ثورة داخل النظام، في حين قوى اليسار تريد له أن ينهي الانقسام، وأن يحدث شراكة جماعية للنظام القائم.
إصلاح الواقع الفلسطيني يتطلّب من دول عربية وإسلامية أن تتوقف عن تعميق الانقسام وتمويله، وإذا أرادت أن تساعد الشعب الفلسطيني والمقاومة والثورة فعليها أن تذهب إلى الشعب مباشرة، من خلال البلديات والنقابات العمالية، النقابات المهنية، الجمعيات الخيرية، المؤسسات الاجتماعية، الجامعات.. لا أن تصب الأموال عند هذا الفصيل أو ذاك لتعميق الانقسام.
صحيح ان الشعب الفلسطيني شبع ثورات وانتفاضات، وقدم دمًا وقوافل من الشهداء في معركته الوطنية، فلِمَ لا تكون انتفاضة فلسطينية ثالثة تروي عطش الاسرى في السجون وتعزز إضراب الحرية والكرامة.
 
 
 

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

هل نشهد اصْلاحًا حقيقيًا في بلادنا يومًا؟!

أسامة الرنتيسي –   الأول نيوز – وأنا (أعوذ بالله من كلمة أنا..) أحتفل اليوم …