انطلاق أعمال مؤتمر "الدولة المدنية في فكر الملك"

 
الاول نيوز – اكد سياسيون وأكاديميون أن الدولة المدنية ليست ضد الدين، “بل حامية لجميع الأديان والمعتقدات، وتقف في وجه من يكفر أو يخون أو يحاول قسرا تفصيل المجتمع على قياسه فقط”، مشيرين بهذا الخصوص الى أن الأوراق النقاشية لجلالة الملك عبدالله الثاني “تشكل معاً رؤية وخارطة طريق لبرنامج تنموي طموح: سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وعلمياً”.
 
جاء ذلك خلال انطلاق أعمال المؤتمر الدولي الأول بعنوان “الدولة المدنية في فكر جلالة الملك عبدالله الثاني”، والذي رعاه الاثنين، مندوباً عن رئيس الوزراء هاني الملقي وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عادل الطويسي.
 
وأشار هؤلاء الى أن “هناك لغطا كثيرا حول مفهوم الدولة المدنية، بعضه نابع من عدم الفهم الصحيح لأسس هذه الدولة، والبعض الآخر محاولة مقصودة لتصوير من ينادي بالدولة المدنية وكأنه يعادي الدين أو يحاول طمس هوية الأمة”، مبينين أن تعزيز كيان مدنية الدولة “لا يتأتى إلا من خلال التأسيس لثقافة وطنية أردنية مدنية قائمة على المواطنة المبنية على التوازن بين الحقوق والواجبات لا على الانتماء لدين أو طائفة أو عرق أو جغرافية ما”.
 
وينظم هذا المؤتمر، الذي تتواصل أعماله على مدى يومين، مؤسسة إبصار للمؤتمرات وقسم العلوم التربوية في جامعة البترا بالتشارك مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
 
وقال رئيس جامعة البترا الدكتور مروان المولا، ان الأوراق النقاشية لجلالة الملك تشكل معاً “رؤية وخارطة طريق لبرنامج تنموي طموح: سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وعلمياً”، لافتا الى أنه “بعبقرية القائد ونظرته الثاقبة، وفهمه العميق للواقع، ومن خلال تدبره للماضي والحاضر، واستشرافه الآتي من مستقبل هذ الوطن جاءت هذه الاوراق معبرة عن عمق بصيرة جلالته لكل صغيرة وكبيرة، كما أنها جاءت معبرة عن احساسه العميق بمسؤولية القيادة، ورغبة صادقة في إحداث التغيير الايجابي، الذي نحلم به، ونتطلع اليه”.
 
وأضاف، لقد كان بإمكان جلالته ان يجعل هذه الاوراق قوانين ملزمة، ولكنه “بإيمانه العميق بالديمقراطية، ارادها أوراقاً نقاشية، لتكون النخب المثقفة، وليكون الشباب شركاء فيها، منخرطين بما جاء فيها، متمسكين بمضمونها، وبما يثريه الحوار البناء، والنقاش الموسع لها”، موضحا أنه عندما نتأمل الاوراق النقاشية الملكية، ندرك انها على درجة عالية من الأهمية، ولكن يمكن القول، بأن “الورقة النقاشية السادسة، التي تناولت سيادة القانون اساس الدولة المدنية، تعد قلب هذه الاوراق، وهي الضامن لتفعيل سائر الاوراق النقاشية، لأنها الضامن لأهم ركائز الدولة، وهي قيم المواطنة”.
 
وأوضح المولا، أن الدولة المدنية هي دولة تحتكم الى الدستور والقوانين، وهي دولة المؤسسات، التي ترتكز على السلام، والتسامح، والعيش المشترك، واحترام التعددية والرأي الآخر، “وهي دولة تحمي افراد المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو الفكرية، وتضمن حرياتهم حيث يتساوى الجميع في الحقوق والواجبات، وهي دولة تحفظ حقوق المرأة، كما تحفظ حقوق الأقليات”.
 
من جهته، قال الدكتور الطويسي إن الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك حسمت مدنية الدولة الأردنية، مؤكدا ان “تعزيز كيان مدنية الدولة لا يتأتى إلا من خلال التأسيس لثقافة وطنية أردنية مدنية قائمة على المواطنة المبنية على التوازن بين الحقوق والواجبات لا على الانتماء لدين ما او طائفة ما او عرق ما او جغرافية ما”.
 
وأكد ضرورة اشاعة ثقافة مجتمعية مدنية ديمقراطية، “فحيثما تضعف الثقافة المدنية يتراجع الفكر المؤطر للدولة المدنية، وتزدهر ثقافة التشبث بالانتماءات الضيقة وثقافة العنف والتطرف بأشكالهما المتعددة”، مشيراً إلى أن تلك مسؤولية تربوية واكاديمية وفكرية واعلامية بالدرجة الاولى، يجب أن يرعاها جهد وطني تؤسس له الدولة بأركانها الرسمية والأهلية.
 
بدوره، قال وزير الخارجية الأسبق الدكتور مروان المعشر انه منذ أن أصدر جلالة الملك عبدالله الثاني ورقته النقاشية السادسة بعنوان “سيادة القانون أساس الدولة المدنية”، تحاول كل “الأطراف المدنية والدينية تصوير الورقة وكأنها دعما لموقفها، وذلك بانتقاء عناوين معينة وتجاهل باقي ما جاء في الورقة”، مشيراً إلى أن من الضروري الخوض بتفاصيل الورقة بأمانة حتى نقف حقا على ما عناه جلالته.
 
وأضاف، لقد وقف جلالة الملك بوضوح مع الدولة المدنية التي جاءت جزءا من عنوان الورقة، ولكنه لم يكتف بذلك، بل “عرف أسس هذه الدولة، فقال إن أساسها هو سيادة القانون الذي تبنى على أساسه الديمقراطيات، وهي الدولة التي يشكل الدستور والقوانين الوضعية فيها الإطار العريض الذي يحكم الناس، ولم يذكر جلالته أي إطار آخر”.
 
وتابع، هي حسب تعريف جلالة الملك “دولة المؤسسات التي تعتمد نظاما يفصل بين السلطات ولا يسمح لسلطة ان تتغول على اخرى، وهي دولة تمتاز باحترامها وضمانها للتعددية واحترام الرأي الآخر، ودولة تحمي أفراد المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية او الفكرية”.
 
وأوضح المعشر أن “الدولة المدنية ليست ضد الدين، ولكنها حامية لجميع الأديان وكل المعتقدات، وتقف في وجه من يكفر أو يخون أو يحاول قسرا تفصيل المجتمع على قياسه فقط”.
 
وقال المعشر، إن هناك “لغطا كثيرا حول مفهوم الدولة المدنية، بعضه نابع من عدم الفهم الصحيح لأسس هذه الدولة، والبعض الآخر محاولة مقصودة لتصوير من ينادي بالدولة المدنية وكأنه يعادي الدين أو يحاول طمس هوية الأمة”، مضيفا أن “نقيض الدولة المدنية ليست الدولة الدينية، بل الدولة السلطوية، التي تستأثر بالسلطة والفكر وتتغول على السلطات الأخرى وتطبق القانون بشكل انتقائي، فالدولة المدنية ليست عدوة الدين، بل عدوة السلطوية”.
 
وأكد أنه لا يمكن لدولة تحترم حرية المعتقد والفكر والدين أن تكون ضد الدين، لأن ذلك ينافي احد اهم أسس الدولة المدنية، إذ أن حرية الدين مكفولة في الدولة المدنية التي تقف نفس المسافة من كل الناس، أما “إن كان الغرض من البعض فرض تفسيرهم للدين على كل الناس، فالدولة المدنية لا تسمح بذلك وإلا تتحول لدولة سلطوية”.
 
وزاد، “لدينا فرصة اليوم لبناء دولة مدنية ديمقراطية تعلي قيم التعددية واحترام الرأي والرأي الآخر، لكن ليس بالاصطفاف والتخندق من الجانبين الديني والعلماني”، مشيراً إلى أنه “حان وقت إدراك التيارين ان احدهما لن يلغي الآخر، وأن للإثنين مكانهما في المجتمع بحماية دولة لا تأخذ موقفا مع او ضد احد الجانبين، دولة تمنع تغول اي فئة على الأخرى. وقد ادرك ذلك الشيخ زكي بن ارشيد الذي دعا الى حوار مع التيار المدني، تماما كما فعل الاسلاميون والعلمانيون في تونس”.
 
وبين أنه حتى تتحقق قيم التعددية، لا بد من اعادة نظر جذرية في نظم التعليم لدينا، كما جاء في ورقة جلالة الملك السابعة. الجدل الحالي حول التعليم سيبقى عقيما ان لم يتناول الصورة الكبيرة، وان لم يؤد الى تعديلات اكبر وأعمق مما تم حاليا”.
 
وقال المعشر إنه لا بد ان تتضمن النظم الجديدة قيما عديدة منها: التفكير الناقد الذي يتيح للطالب عدم قبول ما يدرس له وكأنه من المسلمات، احترام الآراء الأخرى وتعلم ان الحقائق في هذا العالم غالبا ما تكون نسبية وليست مطلقة، وادراك ان الناس في هذا الكون مختلفون، وان في الاختلاف قوة ومنعة ودفع باتجاه التجديد المستمر، وان الإبداع لا يأتي الا من خلال قبول التعددية في الفكر ونمط الحياة، لافتا الى ان من النظم أيضاً، “تعزيز قيم التسامح والتعددية والمواطنة المتساوية الحاضنة للتنوع، وان الآخر في الوطن ليس عدوا بل شريكا في كل شيء”.
 
وذكر المعشر أن جلالة الملك وضع إطارا عريضا لبناء الدولة المدنية الحداثية الديمقراطية من خلال الأوراق السبعة، والتي يمكن تلخيصها كما يلي: تطوير منظومة من الضوابط العملية لمبادئ الفصل والتوازن بين السلطات، وضمان عدم تغول احداها على الأخرى، تعزيز مبدأ التعددية السياسية، الانتقال الناجح نحو الحكومات البرلمانية، تعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، قبول التنوع والاختلاف في الرأي، والقبول بالحوار والتوافق كواجب وطني، تطوير نظام تربوي جديد يضمن اكتساب النشء الجديد المهارات اللازمة للمنافسة في القرن الحادي والعشرين، المحافظة على دور الملك كقائد موحد يحمي المجتمع من الانزلاق نحو اي حالة استقطاب.( بترا)

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

20 قرشا ارتفاع سعر الذهب عيار 21 و18

الأول نيوز – بلغ سعر بيع غرام الذهب عيار 21 محليا، الخميس، عند 55 دينارا …