أين أنت يا عيد

د. إسراء الجيوسي –
 
حين يشتد أسانا وتتهافت  علينا المصائب، مصيبة وراء اخرى،  يصبح بالقلب ألم, وبالصدر غصة وبالعيون دمعة وحرقة.
أين أنت يا عيد ؟؟؟؟
وأطفالنا ونساؤنا وأبناؤنا ضحايا يروون التراب بدمائهم الطاهرة, هل هناك عيد؟ وبلداننا العربية تُستنزف وقد لبست الدمار ثوباً وأضحت حطاما ..
أبكيك يا أمة العرب وألبس ثوبا اسود باليا حدادا عليك،  فقد أصبح النساء والأطفال في بلداننا المُستنزفَة حفاة عراة يفترشون الأرض ويتلحفون السماء….. فأنا أرثيك يا بلاد العُرب بقصيدة عنوانها “الموتى” لأن الموتى لا يعدّون..
استيقظت هذا الصباح وأنا أشعر بضيق في صدري لا لألم في جسدي,
ونظرت لولدي “علي” وهو ينتظر مني أن أهنئه بالعيد وأعطيه العيدية حينها شعرت أن قواي تنهار وأنا أنظر لعينيه البريئتين.. أَأُحمله ذنباً ليس ذنبه؟ أم أَقسو عليه لدرجة أن أخبره أنه لا يوجد عيد ولا معنى للعيدية فهناك الملايين من الأطفال يموتون في كل لحظة ولا يعرف لهم أسم أو حتى هُوية..
جعلته يقترب من صدري وأطبقت عليه بذراعي خوفاً عليه من زمن يعيش فيه ولا معنى لطفولته لأنه وكل أطفالنا ضحايا..
أذكر عندما كنت طفله وقبل أن يعتريني الهم  ويتملك مني على العروبة المنسية أني كنت في العيد ألبس الثياب الجديدة وآخذ من والدي العيدية ولكن وبمجرد ما أن أصبحت أتابع نشرات الأخبار وأرى الأطفال في فلسطين يموتون عرفت أن هناك قضية؛ وأنا جزء من تلك القضية وقضيتي هي أن أُمتي بلا هُوية, وأن عروبتي مسلوبة. أصبحت على يقين أن النشيد الوطني ليس معناه الإستقلال أو الحرية وإن الخرائط المرسومة هي خرائط وهمية لأن حدودنا ليست محمية…
عذرا منكم لأنني لا أُجيد كتابة العبارات المزيفه فهذا هو الواقع الذي نعيش فيه وهذه هي القضية.
 “الأرض, الحدود, الأمن, السلام” كلها كلمات مكتوبة ومقروءة ولكنها كلمات خيالية لنعيش بها مخدرين جرعة من المخدر القوية,,,
أنظر حولي  عن اليمين واليسار فلا أجد سوى الظلام والدمار..
أقرأ في كتب التاريخ عن البطولات والفتوحات والإنتصارات فلا أجد سوى تاريخ أبيض لواقع أسود..فأين أنت يا عيد؟
في علم الوراثة؛ النسل الطيب القوي يستمر تناسله اجيالا فأين ذلك النسل منا الان.. أين ما غرسه فيه أباؤنا وأجدادنا فينا وسرى في عروقنا.. ما الذي بلّد أجسادنا وسلبنا عزايمنا وجعلنا نغفل عن قضيتنا وننشغل بجمع الأموال ولا نفكر إلا بالكراسي والمناصب وقضايا المخدرات وقضية مخالطة الرجال للنساء , والتكنولوجيا هي حربنا, والبندوره مسرطنة, والدجاج فاسد والنصب والإحتيال من كل جانب!.. لم تفشى كل ذلك الفساد فينا أين ديننا وقيمنا أين ما تربينا عليه وغرسه أجدادنا فينا.. ؟
هل كل هذه أهداف مدروسة لاطاحة عروبتنا وقيمنا وهُويتنا؟ هل كل ذلك لكي لا نشغل أنفسنا بقضيتنا… ؟
ولكن ” أين العقول والحمية والرجولة الأبية أين بلاد العُرب أوطاني” ؟ أينكم يا أمة نامت ولم تستفيق.. أنظروا إلى حالنا تمكن العفن من أجزائنا وانعطبت أعضاؤنا لقد تفشت فينا السموم والأمراض وأصبحنا من عشاق الأفلام والمسلسلات, وكثر فينا الإجرام والمجرمين والإرهاب والإرهابين فهل نحن مستهدفون  ” أم نحن مغفلون” ؟ لقد نسينا أمر أمتنا وصلاح  حالنا وبلادنا العربية… نسينا تنشئة أبنائنا تنشئة قومية يحملون بين ضلوعهم قضيتنا الأزلية وأشغلناهم في قضايا الترف والتقليد الأعمى وكل ما هو سلبي… دعونا نقرأ كتب التاريخ وما أخذه الغرب عنا لإعادة بناء الإنسان وإستغلال قوى الأرض لتكن سلاحا بأيديهم ,,,,
الحلول موجودة..  فلنعد لأساسنا ونسلنا الطيب ولنزرع في نفوس أبنائنا الغيرة والحمية والحب والتآخي والعطاء والصفح والمسامحة وأن لنا إله واحد بمختلف الديانات السماوية لا التعصب والتشدد … دعونا ننهض بهم لنصل لمستوى عقولهم ولنرتقي بها, ولنغرس فيهم حب الأرض والدفاع عنها.. فوالله أنا وأنتم على يقين أن أبناءنا هم سلاحنا والحصن المنيع والحل لخلاصنا… وأنا أعلم كما تعلمون أن للظلم نهاية وأننا بوحدتنا ونصرة عروبتنا, واليقظة لكل ما يدور حولنا تكون هي البداية  رحمة الله أمواتنا فقد تحملوا العذاب وذهبت أنفسهم فداء لأمتنا العربية فلا تجعلوا دماءهم تضيع هباءً وليكن عزمهم وإصرارهم درساً لنا وعبرة قوية ..
ودمتم طيبين…..
 
 

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

الأردن يدين تركيب الاحتلال حواجز حديدية على 3 أبواب للأقصى

الأول نيوز – دانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين إقدام سلطات الاحتلال الإسرائيلي على تركيب حواجز …