أسامة الرنتيسي –
ما يجري في القدس أخطر من بوابات على مداخل الاقصى، وأبعد من منع اقامة الأذان، انها بروفه لمستقبل القدس والمقدسات عموما.
بعد محاولة إحراق المسجد الأقصى عام ١٩٦٩ بيدي السائح اليهودي مايكل وينيس، قالت جولدا مئير رئيسة وزراء اسرائيل حينها: ” لم أنم ليلتها وأنا أتخيل العرب يدخلون إسرائيل أفواجا من كل صوب .. لكنني عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء أدركت ان باستطاعتنا فعل ما نشاء، فهذه أمة نائمة”.
الحال الآن تغيرت إلى الأسوأ، إسرائيل تمنع الصلاة في الأقصى، وتعلن احتلالها لساحاته ومقدساته غير آبهة بردود الفعل العربية والإسلامية غير الموجودة سوى الأردنية، وتخطط لتغيير ملامح الأقصى كما تغيّر ملامح مدينة القدس وتهودها لفرض سياسة الأمر الواقع.
التصريحات التي يطلقها زعماء الدولة العبرية، بأنهم لا يرون انتفاضة فلسطينية ثالثة على الطريق، محاولة لإضافة أوهام جديدة إلى عقول القيادة الفلسطينية في شطري الدولتين الكرتونيتين، في رام الله وغزة، من أجل التنازل عمّا تبقى من أحلام وحقوق الشعب الفلسطيني.
فالفلسطينيون وصلوا إلى انسداد سياسي، ووقعوا تحت رحمة إملاءات وتطرف حكومة نتنياهو، التي تتفنن في الابتزاز وقلب الحقائق والدوس على القانون والشرعية الدوليين.
إن عجز المنظمة والسلطة والمعارضة عن إيجاد البديل، يستدعي تدخل الشعب الفلسطيني على الطريقة التونسية والمصرية، وعلى طريقة الانتفاضة الأولى، تدخلا يغير قواعد اللعبة، وميزان القوى، استنادا إلى قوة الشعب الفلسطيني.
تدخل يحمي أحلام الشعب الفلسطيني، حيث مر أكثر من 40 عاما، ولم يدخل تعديل أو إصلاح يذكر على مؤسسات المنظمة، ولم يتم إصلاح جدّي لمؤسسات السلطة المشوهة.
الشباب الفلسطينيون يتلفتون حولهم على مشهد فلسطيني يومي مثير للأسى؛ احتلال يعيش مرتاحا فوق الأرض الفلسطينية، وصفه محمود عباس بأنه احتلال خمسة نجوم، ومقاومة شعبية متقطعة، ومقاومة مسلحة معلقة حتى إشعار آخر، يدخل الحديث عنها وفقا لقوانين السلطة الفلسطينية في باب المحرمات، مترافقا مع مفاوضات متعطلة برغم بؤسها وذلها وعقمها، يتكشف يوما بعد يوم حجم الإهانة التي ألحقتها بالشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية. انقسام تجاوز عامه العاشر، وقد فشلت محاولات إنهائه، وتكشف الوقائع عن أن ما يعطل إنهاء الانقسام هو خلافات حول منافع سلطوية بعيدة كل البعد عن الهمّ الوطني الفلسطيني، وهي منافع لصيقة بمصالح فئة تعيش حالة طفيلية على حساب المصالح الوطنية الفلسطينية، حيث تشرنقت في مواقف وتحت شعارات ضيقة الأفق، ولا تراجع من أصحابها عنها، ولا استعداد لديهم للخروج منها.
الفصائل الفلسطينية ومنذ سنوات اتسم عملها بالانتهازية المفرطة، ومن الواضح أن سلطة حماس في غزة ترى في اية انتفاضة جديدة فعلا موجها ضدها، على أساس أنها هي سلطة الانقسام أصلا، الذي أحدثته بانقلابها في حزيران (يونيو) 2007، ثم حافظت عليه من أجل تكريس نفسها نظاما سياسيا أو على الأقل شريكا أساسيا في النظام السياسي، في حين سلطة فتح في رام الله تريد أن تبقى الانتفاضة عند تخوم إنهاء الانقسام من دون إحداث ثورة داخل النظام، في حين قوى اليسار تريد لها أن تنهي الانقسام، وأن تحدث شراكة جماعية للنظام القائم.
صحيح ان الشعب الفلسطيني شبع ثورات وانتفاضات، وقدم دما وقوافل من الشهداء في معركته الوطنية، فلِمَ لا تكون انتفاضة فلسطينية ثالثة، والقدس والاقصى يستحقان.
بالمناسبة؛ فلسطين تشتعل والمسجد الأقصى يواجه الحصار والتهويد، وغزة تقترب من كارثة إنسانية حقيقية، في المقابل محمود عباس يناضل في الصين منذ اربعة أيام، أليست المطالبة بعد ذلك بقيادة فلسطينية جديدة أمرا شرعيا ووطنيا.
الدايم الله…
الوسومأسامة الرنتيسي الأول نيوز الاقصى فلسطين
شاهد أيضاً
نمو صادرات الأردن من الأدوية العام الماضي بنسبة 14.8%
الأول نيوز – نمت صادرات الأردن من الأدوية خلال العام الماضي بنسبة 14.8% مقارنة مع …