الاحزاب والانتخابات

علي البطران –

 
في بلد سجل فيه رسميا لغاية الان 51 حزبا سياسيا، وفي الوقت الذي يتم فيه “تمويل” هذه الاحزاب من دافعي الضرائب الاردنيين، عن طريق الموازنة العامة للدولة وبواقع 50 ألف دينار سنويا لكل حزب! وبعد انتهاء فترة الترشح للانتخابات البلدية واللامركزية، وتبين النسبة الكارثية للمشاركة الحزبية في هذه الانتخابات، يحق للمواطن الاردني عندها التساؤل حول جدوى وجود هذه الاحزاب، والاهم حول جدوى استمرارية دعم هذه الاحزاب من جيوبنا، في حين تمتنع هي عن السعي لمهمة “تمثيلنا” كما تدعي!
لقد منح قانون البلديات الجديد – ساري المفعول – والذي ستجري بموجبه الانتخابات خلال أقل من ثلاثة اسابيع، فرصة كبيرة للاحزاب للانخراط في العمل العام والاشتباك الايجابي بالجماهير التي “يدعون” تمثيلها.
أكبر فرصة ضيعتها الاحزاب بغرابة شديدة، هي فرصة “المجالس المحلية”، التي تتيح للناخب اختيار خمسة مرشحين لعضوية المجلس، مما يتيح للاحزاب فرصا عدة للتحالف فيما بينها، او مع قيادات محلية غير حزبية، وايضا اضاعت الاحزاب فرصة تقديم كوادرها للناس، وفرصة تدريب كوادرها عمليا على التعاطي مع الشأن العام بعيدا عن المكاتب والتنظير في المكاتب!
حسب دراسة أعدها الزملاء في “راصد” ونتيجة مقابلات مباشرة مع المرشحين، فإن 1% فقط من هؤلاء المرشحين ينتسبون لأحزاب، وباستثناء مرشحي حزب جبهة العمل الاسلامي “التحالف الوطني للاصلاح”، وهم يمثلون الغالبية الساحقة من المرشحين الحزبيين، وباستثناء المرشحين الاثنين للحزب الشيوعي الاردني في كل من عمان والرصيفة، والذين يعلنون صراحة انتمائهم الحزبي، فإن مرشحي باقي الاحزاب – إن وجدوا – لم يعلنوا عن انتماءاتهم الحزبية!
هذه الدراسة تعلن وبشكل صارخ عن حجم الكارثة الحزبية التي نعيشها، وتدق ناقوس الخطر عن الحالة الحزبية في الاردن! مما يتوجب فورا على وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية بشكل خاص وعلى الحكومة بشكل عام، العمل على تطوير وتعديل “نظام تمويل الاحزاب السياسية” العقيم، والمعمول به حاليا بعدما أثبت فشله في تطوير الحياة الحزبية والسياسية في البلاد، باتجاه ربط قيمة التمويل بعدد من المعايير أهمها نتائج الاحزاب السياسية في الانتخابات البرلمانية والبلدية واللامركزية.
                                                      
مدير مركز عمون للتنمية والتدريب

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

تأخرنا كثيرا دولة الرئيس!

أسامة الرنتيسي – الأول نيوز – حاشا لله أن يكون هدفنا وضع العصي في دواليب …