د.إسراء الجيوسي –
اليوم اشتعلت النار بداخلي وتوالدت لدي الأفكار من جديد، ما الذي يحدث لنا ولم نعيش كل هذه الأكاذيب ؟
اليوم شعرت أني صغيرة وعاجزة وليس لي حول ولا قوة، عندما سمعت قصة الفتاة العشرينية وهي من ذوات الإعاقة الحركية، بدأت تحدثني وتسرد علي حكايتها بكل جرأه وقوة وأنا أستمع لها وكأني أستمع إلى أسطورة من عالم آخر، هذه الفتاة تجرعت الظلم والقسوة وخيبة الأمل ومرارة الأيام، فقد تركها والداها في إثر حادث سير؛ ودعاها من غير عودة، وقد أسفر عن ذلك الحادث أن أصبحت فتاة ذات إعاقة حركية..
كانت قبل ذلك الحادث المرير فتاة يافعة تغدو وتروح كالفراشة البهية، وبعد ذلك أصبحت مقعدة على كرسي متحرك..
طلبت مني راجية وكررت ذلك مرارا ألا أذكر إسمها أو أي تفاصيل تدل عليها، وأنا إحترمت رغبتها ووعدتها بذلك ..
تبدأ مأساة الفتاة العشرينية المقعدة بفقدها والديها، ثم فقدها حركتها نتيجة شلل حدث لها من جراء الحادث المرير…
أما الطامة الكبرى فهي إعتداء خطيبها عليها وفقدها عذريتها، مستغلا ضعفها وعدم قدرتها على الدفاع عن نفسها…
غدرها وغادر البلد غير مكترث بها ولا بالمرار الذي أسقاها إياه، وعدها أنه سيعود ويصلح ما أفسد، ولكن وعد الخائن ما هو إلا غدر جديد.
الصامدة في البداية أوشكت الآن على الإنهيار، تبكي بحرارة وتتوسل لي بمساعدتها وعدم تركها..
تقول المغدورة: ” تقدم لخطبتي شاب قبل ستة أشهر ووعدني أن يكون لي عونا في هذا الزمان ولن يتخلى عني ولن يجعل إعاقتي الحركية عائقا وسببا تبعده عني .. تقول: ” إستمعت إليه وغادرت المكان من دون أن أنطق بأية كلمة، إذ اعتقد أني أريد وقتا للتفكير، ” غادرنا المكان وبدأت مأساتي وأسفي على ما حدث لي، ” ماذا أخبره أن خطيبي الأول غدر بي واستغل ضعفي وأفقدني أغلى ما عندي وغادر من دون أن يهتم لحالي.. وهل سيصدق قصتي أم أنه كغيره سيراني مذنبة وقبيحة.. ومن يؤكد له صدق كلامي.. وما هو إثباتي… وما الدليل على نقائي أمامه … لا دليل عندي.
فقدت الفرصة الوحيدة التي لن تتكرر لذنب ليس ذنبي ..
والسؤال يا أفاضل يا كرام: من المسؤول عن تلك الفتاة ؟ ومن المسؤول عن معاقبة الجاني؟ ولم كل هذا الخوف الذي تسلل إلى داخل الفتاة ورفضها إخبار أية جهة مسؤولة كي تسترد حقها وكرامتها ممن غدر بها واغتصبها..
تقول: “أنا عاجزه ومعاقة، من سيلتفت إلي وإلى قضيتي؟” الخطيب الأول غدرني، ومجتمعي يغدرني كل يوم واضعا العقبات أمامي وفي طريقي، هل سيأخذ لي حقي ؟؟؟ وكيف آخذ حقي أنا منه وممن غدرني ؟؟
مديري بالعمل طردني لأن الوظيفة لا تتناسب مع طبيعة إعاقتي..
صديقاتي اللواتي تربين معي ونمن في فراشي مرارا وتكرارا تخلين عني لأني غير قادرة على الذهاب إلى الرحلات والسهرات والمناسبات… أقربائي منذ وفاة والديَ لم أر أحدا منهم يطرق بابي…عمي الوحيد عندما يراني في الطريق يغير طريقه خوفا من أن يتحمل عبء توصيلي إلى أي مكان …
الكل تخلى عني، أعيش في مجتمع مليء بأكاذيب التقوى والورع والصلاة والصوم من دون انقطاع …
جراحي تنزف وهم يرقصون عليها..
أمة تقول ما لا تفعل وتفعل ما لا تقول… يتغنون بالرحمة والعطف ويدعون العون والمساعدة ويتباهون بالعبارات والشعارات… والحقيقة أنهم ميتون وهم أحياء، فلا حياة في دواخلهم ولا حياء من ربهم، أمة تعيش على الأكاذيب”
صرختها ودمعتها هزت كياني زلزلت وجودي …. جعلتني أكره نفسي لعجزي وتقصيري …
وأنتم أيها الأفاضل الكرام ما دوركم تجاه بناتكم وأخواتكم من ذوات الإعاقة، هل الحمية أصبحت سلعة بخسا تتاجرون بها؟ هل الرجولة أصبحت لحى وشوارب بالوجه وفي الحقيقة هي رجولة وهمية؟
كم فتاة من ذوات الإعاقة مررن بالموقف نفسه وأكثر ولم يجدن معينا ولا مغيثا….
وكم من الظلم تضرعه الأشخاص ذوي الإعاقة ولا حياة لمن تنادي..
تعُقوهم من كل جانب لم تتركوا لهم متنفسا واحدا، تضعون التشريعات والقوانين ومن ثم على وسائدكم تنامون.. سامحيني أيتها الأخت الجليلة أنا مثلك معاقة لأن مجتمعي يحرم علي أن أُطالب بحق من دون تصريح بالدخول..
ولكي أحصل على تصريح يجب أن أمتثل أمام شخص وأعرض عليه مشكلتي او موضوعي أو قضيتي ويسجلها ثم يدخل بها إلى رئيسه ويعرضها علي ثم يخرج ويبلغني بكل أسف عطوفته مشغول أو سيادته أو سعادته، ويجب تحديد موعد إلى أجل ليس معلوما والأفضل أن أبعث ما أريد على الإيميل للنظر فيه… هذا هو النظام العقيم الذي نعيشه…
وآخر شيء، بندعي الله، وبنحكي: ” يارب أُنصرنا على الظالمين “
بس بدي أعرف .. بدي أفهم من الظالم ومين المظلوم؟…
أنا اليوم أوجه ندائي وصرختي ورجائي فقط إلى رب العالمين لأنه لا جدوى من أُمة تعيش على الأكاذيب، أمة نامت ولن تفيق.
ودمتم طيبين
الوسوماسراء الجيوسي اعاقتي ارادتي الاردن الاول نيوز
شاهد أيضاً
الأردن يدين تركيب الاحتلال حواجز حديدية على 3 أبواب للأقصى
الأول نيوز – دانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين إقدام سلطات الاحتلال الإسرائيلي على تركيب حواجز …