لا للمناكفة.. ولا لاسطوانة الحكومة المشروخة

أسامة الرنتيسي –
 
في الفضاء العام، والملعب النيابي حراك لتعطيل توحش الحكومة على المواطنين وما تبقى من فتات رزقهم، يتبلور عبر بيانات ساخنة ضد مشروع قانون الضريبة قبل أن يصلهم، وعبر تصريحات نارية تهدد وتتوعد.
النواب يعرفون أنهم في وضع شعبي لا يحسدون عليه، وهم في مواجهة  اختبار حقيقي، فقد وصل الأمر ببعضهم إلى التهديد بالاستقالة إذا مر قانون الضريبة، لكن نوابنا عودونا في فترات كثيرة على التهديد بعمل ما، لكنهم في الموضوع الحكومي كرماء.
لا نحجر على رأي أي نائب أو فريق نيابي بالتعبير عن رأيه بالطريقة التي يراها مناسبة، لكن لا تحتمل الأوضاع العامة، ولا الأحداث في الجوار، ولا التهديدات التي تقترب رويدا رويدا من حدود المملكة أي عمل سياسي بهدف الاستعراض والمناكفةٍ، وفكونا من بيانات الاستنكار لما يحدث من اعتداءات على الأقلية المسلمة  الروهينجا بمدينة بورما، خلونا نصلح تطرف بعض خطباء المساجد عندنا أولا.
صحيح أن الأردنيين نوابا وشعبا، لم يتعودوا على الحكومات طويلة العمر، ويستحسنون التغيير والتعديل والتبديل في قيادات الدوار الرابع، ولم يهضموا بعد فكرة الحكومة البرلمانية ولم يجربوها، لكن من مصلحة البلاد والعباد، أن تتغير هذه النظرة، وشروط تشكيل الحكومات، وآلياتها القديمة، لأن البلاد أثقلت بأصحاب الدولة والمعالي أكثر من اللازم، وأصبحوا يشكلون ثقلا ماليا ومعنويا على مالية الدولة وعقلها.
الحكومة غائبة عن معالجة القضايا الملحة التي تضغط على عصب البلاد والعباد، ولا نرى معالجات حقيقية بعيدة عن المعالجات التقليدية التي لم تفعل شيئا في معادلات التغيير، سياسيا واقتصاديا، واجتماعيا، كما أنها تتأخر في تحديد الموقف إذا وقعت أزمة ما في البلاد، وبعد أن “خربت مالطا” يخرج علينا الرئيس الملقي بالاسطوانة المشروخة التي تتردد دائما “إن الطبقة الوسطى لن تمس في قانون الضريبة الجديد”…اسمع هل الحكي على رأي أبو عمير…
لا ننتقد العمل البرلماني، ويخطئ أي إنسان، مواطنا بسيطا، أو مسيّسًا، عندما يهاجم وينتقد البرلمان والحياة البرلمانية، إذا ما وقع أحد أعضاء المجلس في خطأ، أو فعل سلبي، لأن لا حياة سياسية في البلاد من دون حياة برلمانية، ولا تطورا للبلاد من دون الفعل البرلماني الحقيقي.
كما أن انتقاد تصرف وسلوك نيابي مهما كان حجم هذا السلوك، فعل طبيعي وحرية رأي وتقويم، أما انتقاد مجلس النواب عمومًا، والهجوم على الحياة البرلمانية ــ ونحن من دونها أفضل حالا ــ هو كمن يكسر ساقه، ويريد بعد ذلك المشاركة في سباق الرالي.
في مجلس النواب أعضاء يستحقون نقد سلوكهم وتصرفاتهم، وفيه من الكفاءات والخبرات والعقليات العصرية، من يستطيعون  تسيير البلاد نحو التقدم والرقي.
الحياة البرلمانية هي سلطة الحكم الأول في البلاد حسب الدستور، فالحكم نيابي ملكي، ولا نستطيع أن نعبر بالأردن الحديث إلى مراحل متقدمة وآمنة من دون تطوير الحياة البرلمانية.
الدايم الله….

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

عاجزون عن حل مشكلة الكلاب الضالة

أسامة الرنتيسي  –   الأول نيوز – الحكومة وأجهزتها هما الجهتان اللتان لا تريان أن  …