أسامة الرنتيسي –
لا أحد يصدق أن حكومة عاقلة تقبل أن تستفز الشارع في ظروفه المعيشية والنفسانية الصعبة التي يعيشها، وتقترب من رفع أسعار الخبز، من أجل توفير 40 مليون دينار سنويا، وتنوي دفع 100 مليون دعما نقديا مباشرا للمواطنين لا للسلعة.
ومن غير المعقول أن حكومة فيها هذا العدد كله من العباقرة في الاقتصاد والمال عجزت عن توفير 40 مليون دينار، ولم تجد سوى مادة الخبز لتعلن أنها في مرحلة التداول النهائي بشأن القرار بخصوص الدعم والهدر لمادة الخبز.
جزء من تبرير الحكومة لرفع أسعار الخبز فيه دناوة نفس شديدة، فعندما تقول إن الدعم يستفيد منه أكثر من ثلاثة ملايين من غير الأردنيين جلهم من اللاجئين، فإنها تستفز كرامة الأردنيين، خاصة المغتربين منهم حيث تصل أرقامهم ثلاثة ملايين، وهم يستفيدون من الأسعار في الدول الموجودين فيها مثلهم مثل أبناء تلك الدول، فمن يقبل أن يشتري خبزا بسعر ويشتري جاره اللاجئ بسعر أعلى.
ليست القضية في تغيير آلية دعم الخبز، ولا حتى في التفكير برفع أسعاره، لأن بصراحة هناك استخدام مسرف للخبز، حتى يقال إن بعض مربي الماشية يستخدمونه علفًا، لكن القضية في توقيت إعلان المقترحات، التي جاءت في لحظات ساخنة تقود فيها الحكومة معركة مشروع قانون ضريبة الدخل، وتحاول أن تخلق تبريرات لا تقنع أحدًا، بأن الطبقتين الفقيرة والمتوسطة لن تتأثرا بالقرار، مع أن القرار متتابع، وسوف ينعكس على جميع الصناعات والأعمال التجارية، وحتى على صاحب مطعم فلافل في مخيم الحسين أو في السماكية.
بعض المخابز يا حكومة، علقت لافتات على أبوابها، أنها مستعدة لتقديم الخبز مجانًا لمن لا يملك سعره، وهذا ليس كرمًا فقط، وإنما شعور بخطورة أن يعيش بيننا من لا يملك سعر كيلو الخبز، فإذا كان هذا شعور أصحاب المخابز، فكيف يمكن أن يكون شعور الحكومة.
الاقتراب من خبز المواطنين، سيقطع الشعرة المتبقية بين الحكومة والمواطنين، وستمنح أعداء الحكومة (وهم كثيرين) ذخيرة قوية لقصف السياسات الحكومية، وستحول التحرك الاحتجاجي النخبوي في البلاد إلى تحرك شعبي، لأن الخبز فعلا خط أحمر.
منذ أسابيع توقف الضخ الحكومي على مشروع قانون الضريبة، الذي خلق مناخا سلبيا في الأوساط الشعبية، وجاء الدور على تسريبات الخبز، وبدأت الماكينة المساندة للتوجهات الحكومية تتحدث عن الدعم الموجه لغير مستحقيه.
في النهاية؛ أقول جازما إن الحكومة لن تجرؤ على رفع أسعار الخبز، وتعرف أن حكومة سابقة كان رئيسها أبو ندهتين، سقطت على وقع رفع أسعار الخبز، ولا تزال موسومة بحكومة رفع الخبز، والدفع قبل الرفع.
الدايم الله…..
الوسومأسامة الرنتيسي الأول نيوز الاردن الخبز
شاهد أيضاً
الفحيص ولافارج وأراضي الاسمنت.. قضية مفتوحة
أسامة الرنتيسي – الأول نيوز – استمعنا يوم الثلاثاء الماضي إلى مداخلة واضحة من …