السبت , أكتوبر 19 2024 رئيس التحرير: أسامة الرنتيسي

التوحد بين الحقيقة والإستغلال

د. إسراء الجيوسي –
 
اضطراب طيف التوحد: هو نوع من الإضطرابات النمائية التطورية المركبة المعقدة، الذي يظهر في مراحل الطفولة المبكرة منذ الولادة  حتى سن 8 سنوات، ينتج عنه اضطرابات عصبية تؤثر في وظائف الدماغ، تظهر على شكل مشكلات في عدة جوانب، مثل التفاعل والتواصل الاجتماعي، ونشاطات اللعب،  الأطفال المصابون بالتوحد يستجيبون دائماً إلى الأشياء أكثر من استجابتهم للأشخاص، ويضطربون من أي تغيير يحدث في بيئتهم، ودائماً يكررون حركات جسمانية أو مقاطع من كلمات بطريقة آلية متكررة. وهناك حقيقة علمية يجهلها الكثيرون، أنه  حتى يومنا هذا  لم يتوفر أي نوع من العلاج المناسب، لمن لديهم إضطراب طيف التوحّد، ولكن هناك تدخلات علاجية مصاحبة لأعراض إضطراب طيف التوحد  للمساهمة في تحسين وتطوير أدائهم، مثل  تعديل سلوك الطفل، تحسين النطق واللغة،  العلاج الدوائي لأعراض مصاحبة اضطراب طيف التوحد، التطوير النمائي والأكاديمي، اتباع أنظمة غذائية خاصة بهم.
الحديث اليوم ليس عن الأسس العلمية أو طرق الكشف الخاصة عن اضطراب طيف التوحد،  بل تتعدى هذه الأهمية إلى قضية أو جريمة بشرية تتمثل في بدايتها بالتشخيص الخطأ من قبل أشخاص ليسوا مختصين ومهنيين أو أشخاص يلزمهم التدريب والتأهيل لكي يكونوا قادرين على التشخيص الصحيح .
 وهذه وحدها طامةٌ كبرى أن تصم طفل نتيجة عدم الخبرة الكافية أو عدم أهلية المعالج للتشخيص، أي أنه ليس من ذوي الاختصاص، ويقوم بإجراء التشخيص وإعطاء حكم على طفل بريئ يعيش به طوال حياته ويؤثر سلباً ليس فقط علية بل على أسرته كاملة.
 وفي أثناء رحلة بحث الأهل عن حلول “وعلاج” لأبنائهم لعلهم يجدون بصيص أمل، حتى لا  يقعوا في مصائد وشباك  الأشخاص الاستغلالين وضعاف النفوس الذين يزرعون في نفوسهم الأمل ليكسبوا منهم بطريقة جشعة؛ ولحاجة الأهل وضعفهم مقابل شفاء أبنائهم يضطرون لطرق الأبوب جميعها، وبيع الغالي والنفيس لعلهم يجدون علاجاً وحلاً لأبنائهم حتى لو بنسبة تحسن قليلة.
 ومن هذا الدافع الفطري الذي يقوم به الأهل يقعون ضحايا هؤلاء الأشخاص الذين  يوهموهم  أن هناك علاجا كاملا وسريعا للتوحد، علماً أن العلم لم يتوصل إلى يومنا هذا إلى علاج يناسب أطفال التوحد؛ وقد يكون هؤلاء الأطفال بمثابة حقول تجارب لبعض شركات الأدوية، أو من خلال أجهزة يتم الترويج لها بطرية مدروسة وشيطانية من قبل ضعاف النفوس الذين يستغلون حاجة الأهل وضعفهم. ومن دون علمهم عن عدم  كفاءة هؤلاء الأشخاص أو المراكز، التي يمكن أن تكون معتمدة أو غير معتمدة. والسؤال أين الرقابة والجهات المسؤولة عن كل ما نقرأ ونسمع من استغلال وإجحاف في حق هؤلاء الأطفال وذويهم؟.
أين الرقابة عندما يتم فتح مراكز  بأجهزة يتم تجربتها على أطفال التوحد، من دون علم المسؤولين والمعنين بها. إلى متى هذا الاستهتار، وعدم الاكتراث  بأطفال أبرياء كانوا وما زالوا عرضة لهذا الاستغلال. لما لا تكون هناك رقابة على كل من يمارس هذه المهنة، كالأطباء، بحيث يكون هناك امتحان لمزاولة المهنة ومن دون هذه الرخصة لا يحق لأي شخص العمل بتخصص التربية الخاصة.
بل فرض العقوبة على كل شخص أو مركز يقوم بتعيين اختصاصيين من غير حملة شهادة التربية الخاصة، ولديهم شهادة مزاولة المهنة بإغلاق المركز، وسحب الترخيص لذلك المركز. الحلول الوسطية واللعب في أرواح هؤلاء الأطفال الأبرياء هي جريمة بحق الإنسانية. كل ما أريده هو مساواة عادلة بين فئات المجتمع الواحد، وحماية الحكومة ذوي الإعاقة من أي نوع من أنواع الاستغلال، بل مساعدتهم بكل مناحي الحياة وتوفير الخدمات اللازمة لكل فئة منهم، لكي يعيشوا في وطنهم ووسط مجتمعهم بكل أمان وإستقرار فهؤلاء جميعهم أبناؤنا ولهم علينا حقوق وواجبات بتوفير الحماية لهم من كل استغلال، بل المساهمة في تطويرهم وتدريبهم وخلق المشروعات للعمل على دمجهم في مجتمعهم وتحسين وضعهم لكي لا يكونوا عبئا على ذويهم وبلدهم. إنما أفرادا فاعلين منتجين .
ودمتم طيبين

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

بيان عربي يؤكد ضرورة الوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على غزة

الأول نيوز- أكد مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، المنعقد في دورة غير عادية …