موقع الأول نيوز الأخباري كن أول من يعلم
مقالات مشابهة
د. إسراء الجيوسي –
قد يهاجر الإنسان وقد يرتحل من مكان إلى آخر لأي ظرف كان، وهذا من أصعب الأحداث التي يعيشها في مرحلة ما من مراحل العمر، ولكن الأصعب من ذلك عندما يهاجر ويبتعد بقلبه وعقله من دون أن يبرح مكانه وهذا أشد مرارة.
وللأسف هذا واقع الكثير منا، فنحن نهاجر بأرواحنا لا بأجسادنا، وكيف لا يحدث هذا والكثير منا يتضوعون في كل يوم التعب والكد والعناء وبذل الجهد من أجل توفير لقمة العيش وأقل الاحتياجات لأبنائنا، وقد تخيب مساعي الكثيرين، بضياع يومهم هباء منثورا، وعودتهم “بخفى حنُيَن” هذه حال الكثير منا للأسف الشديد.
ولو نظرنا حولنا فلن نجد ما يسرنا، وقد رفضته عقول الكثيرين، وقد تمر أيامنا بحسرات القلوب، وفقدان الأحبة، وخيبة الأمل والانكسار، والويلات والحروب والتشريد والتدمير والاستعمار والاحتلال واغتصاب المقدسات، والوضع السياسي المتذبذب والاقتصادي المتردي وووووووو……….!
لقد ضاقت صدورنا وانهارت قوانا وأصبحنا نبكي على حالنا ؛ فغادرنا أمكاننا ورفعنا رايتنا وأعلنا استسلامنا، فنحن محاصرون من الجهات جميعها، فأصبحنا نسكن الأرض بأجسادنا ونغادرها بأرواحنا، فلا نجد لنا مسمى سوى أننا “سكان بلا عنوان” فقدنا الأمل وتملكنا الهم والكدر على واقعنا المشؤوم وأيامنا المظلمة، فقد فقدنا أغلى قيمة نملكها، وجودنا, إنسانيتنا, حقوقنا, وأصبحنا نبحث عن بصيص أمل، فلا نجد سوى خيبات الأمل.
لقد وصلنا إلى أسوأ حال، ولم يبق منا سوى هياكل عظمية. فأنا أبكي على أمةً كانت.. أبكي تراث أجدادنا.. أبكي عنفواننا وكبريائنا.. وأبكي عزتنا.. فتوحاتنا.. أمجادنا.. وإنتصارتنا. لقد أضعنا كل ما هو حقٌ لنا بضعفنا واستسلامنا واستغلالنا لبعضنا، وتركنا أبناءنا لحاضر مشوه، لا خلق فيه ولا أخلاق.
إخواني وأخواتي أنا وأنتم في الخندق ذاته، ولا حل أمامنا سوى عودتنا إلى وعينا نلملم ما تبقى من أشلائنا أو نحفر الأرض مقابر لنا, إما أن ندافع عن هذه الأرض بقوة عقولنا وفراستنا وحكمتنا التي اتصفنا بها, أو ندعها لمن يستحقها.
الحلول الوسطية مرفوضة والحل الجذري هو المقبول, فأنا أُناشد العقول النيرة والمفكرة وهي كثيرةٌ في بلادنا بأن نجتمع على هدف واحد وهو إعادةُ حقوقنا وكرامتنا وقيمتنا وإنسانيتا وسلاحنا الوحيد هي عقولنا.
تحليل واقعنا هي أولى إهتماماتنا ومن ثم إعادة بناء وإصلاح أنفسنا وتربية وتوعية أبنائنا والإنتباه لكل ما يدور حولنا ومحاربة الفاسدين والمستغلين في بلادنا فنحن مستهدفون, حمى الله الأردن ومليكها وشعبها من كل يد غاشم ومعتد آثم.
ودمتم طيبين
