الأول نيوز – مهما صفعتك الحياة، فلن تكون مثل الصدمة الأولى لمرضى السرطان، ومهما بلغت درجة عالية من الثقافة والوعي الكافي الذي سيُخبرك لاحقاً أنك ستكون بخير، ستشعر بالذعر إذا علمت أنك مُصاب بهذا المرض “الخبيث” كما يُطلق عليه.
لكن الإعلامية الفلسطينية المميزة هاجر حرب قررت أن تصنع من تجربتها الخاصة مع مرض السرطان ما يُشبه المعركة، أو القصة الأسطورية التي ستنتصر في نهايتها شاء هذا المرض أم أبى، وستُجبره على أن يُحول انتصاره السابق لأسطورة، وانتصارها عليه لواقع.
بدت “هاجر” في أجمل حالاتها، وكأن المرض زادها جمالاً، أما السر فيكمن كما قالت:” هذا جزء من تجربتي، أن أرتدي الشعر المستعار، وأضع مساحيق التجميل وأرسم حاجبيّ وأعيش اللحظة التي تُخبرني أن الحياة بها أشياء جميلة جداً، وتُحب من يُحبها، وأنا أحبها”.
بدأت “هاجر” بعمل حلقات على موقع “باز” ضمن حملة “رحلة نجاة” تروي خلالها تجربتها القاسية، وكيف واجهت المرض، ومفاهيم المجتمع الخاطئة حوله.
لم تعد شخصية هاجر كما هي قبل المرض، بل أصبحت أكثر هدوءاً، لا تغضب ولا تفقد أعصابها ولا تحزن من المواقف السلبية لمن حولها، تقول: “أصبحت أشعر أن هناك مسؤولية اجتماعية كبيرة تقع على عاتقي تجاه جميع الناس، سواء من ينتظر انتصاري على المرض، أو من الناس الذين يخافون منه، أو حتى المصابين به خاصة الذين يتعاملون مع أنفسهم على أن أيامهم في الحياة معدودة”.
أصبحت نظرة “هاجر” للحياة إيجابية، حتى رحلة علاجها خلقت منها تجربة تستحق الرواية: “رحلتي للعلاج من غزة إلى الأردن كانت شيقة رغم صعوبتها، قابلت أناساً كثيرين من جنسيات مختلفة، تشربت من ثقافة كل شيء صادفته، تعلمت لهجات جديدة، أكلات جديدة، بنيت علاقات جميلة مع الأطباء والممرضات وبعض المرضى”.
كلمة السر كما تقول “هاجر” لهذه الإيجابية هي “الكيمو” – إشارة للعلاج الكيماوي– حيث جعلها تواسي نفسها دائماً بأن القادم أجمل وأنه يجب أن تكون أقوى.
حول هذه الفترة العصيبة تقول هاجر:” كانت فترة قاسية جداً، تغير شكلي، بشرتي أصبحت شاحبة، تساقط شعري، تساقطت أظافري، كنت أشعر أنني أصل إلى الموت ثم أعود مرة أخرى”.
وأضافت:” كان هناك أيام بلياليها لم أكن فيها سوى أنا والألم و4 جدران، مع الوقت تحولت هذه الجدران لأصدقاء لي، كنت أكتب لنفسي حكماً ومقولات أخاطب بها هاجر القوية، لكي تساند بها هاجر المريضة”.
صداقتها بالجدران ليست خيال، فقد قامت هاجر بتعليق أسماء كل شخص قابلته خلال رحلتها على هذه الجدران بعد كتابة أسمائهم على ورق ملون لتتذكرهم طوال عمرها، كما أحضرت صندقاً صغيراً كتبت فيه كل شيء جميل قامت بعمله حتى تجمع 100 أمر جميل قامت بفعله وأحبته وأسعدها.
وكانت هاجر قد أحضرت معها إلى الأردن رواية “أنثى عبرية” لتكون ونيسها في رحلة العلاج، لكن ارتباط هذه الرواية بذكرى مؤلمة جعلها لا تقترب منها، لذا قررت عمل سلسلة فيديوهات توعية للمجتمع، أن هذا المرض ليس عيباً، وما يجب عليهم معرفته حوله.
وكشفت هاجر لنا محتوى حلقتها القادمة عبر “باز” قائلة: ” سأخبر الناس حول أول جرعة علاج كيماوي، وكم كانت صعبة، وعن ثاني جرعة، وكم أنا مؤمنة أن الله يُسخر البشر أسباباً لبعض”.
وأكدت هاجر على أهمية الدعم النفسي أثناء رحلة العلاج، وقالت: “الدعم هو الأساس في العلاج، وفي تجربتي كان هناك شريك قوي يساندني وهو زوجي، وهناك أبي وأمي وإخوتي الذين لا أستطيع أن أوفيهم حقهم، وأطفال أخي الذين يحرصون على السؤال عني وانتظار عودتي بفارغ الصبر؛ ليعطوني هداياهم البريئة التي ابتاعوها لي، كما أن دعم أصدقائي وصديقاتي الذين لا يتسع المقام لذكرهم هنا”.