عندما طردنا اليهود من مهرجان الفحيص السادس

أسامة الرنتيسي –
 
في عام 1996، أصبح مهرجان الفحيص –الأردن تأريخ وحضارة-  في نسخته السادسة، مهرجانا تجاوز النسخة المحلية الى العربية، ونافس مهرجانات مضت على قيامها سنوات عديدة.
كانت الفحيص، بشبابها وصباياها، تحتضن فعاليات المهرجان، تقدم حضارة ناسها، وكرم أهلها، وخصوصية مجتمعها لضيوف المهرجان جميعهم.
في النسخة السادسة ذاع صيت المهرجان، فنيا وثقافيا، وحظيت فعالياته باهتمام كبير من الصحافة ووسائل الإعلام المختلفة.
وصلت إلى مسامعنا في إدارة المهرجان ولجانه المختلفة، أن وفودا إسرائيلية تنوي الحضور الى المهرجان لتستمتع بفعالياته، فانتفض الجميع لحماية المهرجان من دنس الإسرائيليين.
في المنبر الثقافي الذي كان شعلة المهرجان وبريقه العالي، قامت اللجنة الشعبية لمقاومة التطبيع وهي لجنة تابعة للأحزاب السياسية المعارضة (أيام ما كان فيه معارضة) بتوزيع بيان صادر عنها يحذر من قدوم الإسرائيليين الى المهرجان وتطالب بطردهم بالوسائل كلها، ونثرت البيان على مقاعد المنبر قبل قدوم المدعوين، كما تم توزيعه على مدخل المهرجان، وانتشر مثل النار في الهشيم.
لحظات وانتشر الخبر في أروقة المهرجان، وهذا تسبب باستفزاز الجهات الأمنية التي قامت فورا بجمع البيان، وألقت القبض على أعضاء في إدارة المهرجان ولجانه، كنت أنا وقتها رئيسا لتحرير صحيفة الأهالي والمحامي النشط عاكف الداوود والناشط صبري عكروش من بينهم.
في اليوم الثاني، طلبنا للمدعي العام في السلط، ومثلنا أمامه، وقرر توقيفنا، وبجهود جبارة من رجالات الفحيص والسلط تم الإفراج عنا لنحول بعد ذلك الى المحكمة.
مثلنا أمام قاضي بداية السلط بسام اليمني، الذي أبدى تعاطفا شديدا معنا، بسبب خلفيته الفكرية القومية، وتشكلت لجنة دفاع كبيرة من المحامين للدفاع عنا قادها المحامي فارس الداوود قاضي الاستئناف حاليا، والمحامي المرحوم عبدالفتاح النسور.
تحولت جلسات القضية التي عرفت في أروقة المحكمة بقضية طرد اليهود الى محاكمة شعبية تحضرها شخصيات وطنية في البلاد، المرحومان يعقوب زيادين وسالم النحاس، والعمر الطويل لليث شبيلات وموفق محادين وغيرهم ممن كانوا حريصين على حضور الجلسات، وشاهد الدفاع شيخ المناضلين المرحوم بهجت أبو غربية.
نحو سنة كاملة استمرت جلسات المحكمة، وكانت محاكمة فعلية لمعاهدة وادي عربة وقضية التطبيع مع العدو الصهيوني.
لم تستطع النيابة إحضار شهود نيابة إلا أحد أفراد الأمن الوقائي، الذي قال إنه شاهد البيان موزعا في مهرجان الفحيص لكنه لم يشاهدنا نحن الثلاثة نوزعه وهذه الشهادة كانت في مصلحتنا لا ضدنا، وعندما بدأ الدفاع سؤال الشاهد طلب المحامي النسور منه إعادة التعريف بنفسه (محمد وفيق راشد الخزاعي) اقترب منه أكثر طالبا إعادة الاسم بصوت عال، وكرر ذلك عدة مرات، بعد ذلك سأله أنت حفيد الزعيم الكبير راشد الخزاعي أمير عجلون الذي قاتل اليهود ومد الثوار بالسلاح والمال، لحظتها ضجت القاعة بالتصفيق، والهتاف الموت لليهود.
بعد جلسات طويلة، أصدر القاضي بسام اليمني قراره لمصلحتنا، البراءة من التهمة التي وجهت لنا، والأهم من ذلك أننا فعلا طردنا اليهود من المهرجان، وغطت الصحافة ووسائل الإعلام القضية بشكل موسع.
الدايم الله….

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

مصدومون من التوقف المفاجىء للحرب!

أسامة الرنتيسي –   الأول نيوز – أستيقظ العالم صباح الثلاثاء على توقف مفاجىء للقتال …