الأول نيوز – شهدت الأسابيع الأخيرة زيادة كبيرة في ما أصبح يعرف بـ “الزيف العميق”، وهي تسجيلات فيديو إباحية يتم التلاعب فيها بحيث يتم استخدام وجه ممثلة مع جسد امرأة أخرى.
ومع يسر استخدام تقنيات التلاعب في مقاطع الفيديو وزيادة دقتها وقوتها، مكنت هذه الأدوات مستخدميها من تحويل الخيالات الجنسية للبعض إلى مادة على الانترنت.
وتتجاوز هذه المقاطع الزائفة حدود الأدب واللياقة فقط، بل تتجاوز أيضا حس البشر بمصداقية ما نراه ونسمعه.
وقد يؤدي تطور هذه التكنولوجيا إلى تبعات خطيرة، وقد تكون أزمة الأخبار الزائفة، التي يشهدها العالم حاليا، هي مجرد قمة جبل الجليد المختبئ تحت السطح.
وأعد البعض بالفعل عددا من المقاطع باستخدام وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعلى الرغم من أن التسجيلات يتضح منها أنها للسخرية، من السهل تخيل تأثيرها إذا استخدمت لأغراض الدعاية.
وكما يحدث عادة، لم تكن الشركات والهيئات مستعدة للتطور السريع في تقنيات التسجيلات الزائفة. وتراقب المواقع التي تنشر عليها هذه المواد التطورات السريعة في التكنولوجيا، ولكنها لا تعرف سبل التعامل مع التغييرات المتلاحقة وتشعر بالقلق إزاءها.
ووسط التجمعات التي تستخدم هذه التقنيات، يشعر المستخدمون بالحماس للظهور غير المتوقع لوجوه بعض المشاهير في “تسجيلات جنسية”.
ويبدو أن ضمير مستخدمي هذه التقنيات لا يتأثر عند مناقشة التبعات الفعلية لما يقومون به. هل صنع فيلم إباحي باستخدام وجه شخص آخر أمر غير أخلاقي؟ هل يعني الأمر شيئا إذا لم تكن التسجيلات حقيقية؟ هل يتضرر أحد؟
ربما يتوجب عليهم السؤال: كيف يشعر ضحايا هذه التسجيلات؟
كيف تتم صناعة هذه المقاطع المزيفة؟
يقول مصمم أحد التقنيات المستخدمة في صناعة هذه التسجيلات إن تقنيته جرى تحميلها مئة ألف مرة منذ إتاحته للجمهور منذ شهر.
ويشهد العالم تزييف صور جنسية منذ أكثر من قرن، ولكن العملية كانت تتطلب جهدا كبيرا، وكان التلاعب في تسجيلات الفيديو يتطلب جهدا أكبر من الصور، لأن عمليات المونتاج المتقنة تتطلب إمكانيات ضخمة وتكاليف كبيرة.
ولكن مؤخرا تم تكثيف عمليات المونتاج إلى ثلاث خطوات يسيرة: جمع عدد من الصور لشخص، اختيار فيلم إباحي لتزييفه ثم الانتظار. سيقوم جهاز الكمبيوتر بباقي الخطوات، ولكن الأمر قد يستغرق أكثر من 40 ساعة لفيلم قصير للغاية.
وتستخدم التسجيلات المزيفة الأكثر شيوعا صور مشاهير، ولكن العملية يمكن تطبيقها على أي شخص طالما يوجد عدد كاف من الصور، وهو ليس بالأمر الصعب مع العدد الكبير من الصور الشخصية على شبكات التواصل الاجتماعي.
وتشهد هذه التقنيات الكثير من الاهتمام في العالم. ومؤخرا شهد البحث عن تقنيات “التزييف العميق” زيادة كبيرة في كوريا الجنوبية، ويمكن الاعتقاد أن تلك الزيادة جاءت بعد ظهور عدد من التسجيلات الزائفة لنجمة البوب الكورية سولهايون (23 عاما).
استهداف المشاهير
ويعتقد أن بعض المشاهير أكثر من غيرهم جذبا للمزيفين من غيرهم. ويعتقد أن الأمر يعود إلى مدى الصدمة التي قد يحدثها التسجيل: مدى الفضيحة التي قد يحدثها الفيديو.
ومن أكثر التسجيلات المزيفة ذيوعا في وسط مستخدمي هذه التقنية تلك التي تستخدم فيها صور الممثلتين أيما واتسون ونتالي بورتمان.
ولكن المزيفون أنتجوا تسجيلات لميشيل أوباما وإيفانكا ترامب وكيت ميدلتون. ورفض قصر كينزنغتون التعليق على الأمر.
وكانت غال غادو، الممثلة التي لعبت دور “المرأة الخارقة”، من أوائل النجمات اللاتي استخدمت صورهن في التسجيلات المزيفة.
وكان مقال نشر على موقع “موذر بورد” للتكنولوجيا قد تكهن أن يستغرق الأمر عاما قبل أن تصبح عملية التزييف تتم آليا تماما عن طريق الكمبيوتر، ولكن الأمر استغرق شهرا واحدا.
ومع تزايد الغضب إزاء هذه التسجيلات، تبحث بعض المواقع التي تسهل مشاركة محتوى هذه التسجيلات الخيارات المطروحة أمامها.
وأدى جمع تقنيات تزييف الصورة مع تقنيات الصوت التي طورتها شركات مثل أدوبي إلى عمل تسجيلات متقنة صورة وصوتا بحيث يمكنها خداع حتى المشاهدين الأكثر تمييزا.
ولكن استخدام التقنية لا زال قاصرا على الأفلام الإباحية.
وقال أحد مستخدمي التقنية على موقع ريديت “ما نقوم به هنا ليس صحيا ولا كريما أو شريفا. إنه مهين وسوقي ومحقر للنساء اللاتي استهدفهن المزيفون”، واختتم رأيه قائلا إنه ربما تحد هذه التسجيلات من الحملات الانتقامية ضد بعض المشاهير.
ولكن مثل هذه التبريرات خلقت، فيما يبدو، لتحمي مستخدمي هذه التقنيات وليس ضحاياها.
ولكن مستخدمي تقنيات التزييف محقون في أمر واحد: التكنولوجيا موجودة ولا مجال للعودة.(BBC)