السبت , سبتمبر 21 2024 رئيس التحرير: أسامة الرنتيسي

هل الشعب أبناء البطة السوداء وجيوبهم البقرة الحلوب؟

د. شهاب المكاحله — واشنطن –

كلنا نعرف قصة البطة السوداء التي تنكرت لها أمها واخواتها لأن لونها اسود ومخالف للونهم الأبيض علماً أنها من مصدر واحد خرجت من نفس البيض. نعم نحن اليوم نعيش مثل البط الأسود لا تعرفنا حكوماتنا إلا حين  تريد حلبنا.
استقبل الأردنيون عاماً وودعوا عاما لعله يأتي بما هو مفرح وجديد، لكن خابت توقعاتهم بعد أن تآمر عليهم مجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان بمزيد من القرارات التي نهشت جيوب المواطنين وانعشت كروش الفاسدين والسارقين. لقد أهدى مجلس النواب في بداية عام 2018 قانون الموازنة العامة الذي أعطى الضوء الأخضر للحكومة برفع أسعار الخبز والسلع الأساسية ممهدا لاندلاع شرارة الاحتجاجات في كافة أنحاء المملكة رفضاً للقرارات التي لا تخدم المواطن البسيط بل تدعم كروش الأثرياء وتزيد من ثرواتهم وميزاتهم التي يتمتعون بها على جماجم البسطاء من هذا الوطن. هم يتعالجون في الخارج من زكام أو من رجفة عين في الشتاء القارص في الأردن لذلك استعدى علاجهم في المانيا وفي غيرها من الدول الغربية وعلى المواطن البسيط أن يدفع تلك الفاتورة سواء شاء أم أبى.
الكل يتواري خلف الكل: الحكومة تتوارى خلف النواب الذين ما عادوا نوابا برواتبهم ومخصصاتهم التي لو لم تدفع لهم لما اضطررنا لرفع سعر الخبز وغيره من السلع . وما يزيد الطين بلة حين تسمع واحدا ممن يسمون انفسهم بعلية القوم أو بالنخبة السياسية والاقتصادية حين يتفلسف وبقول: إذا لم نتحمل نحن المأزق الاقتصادي الذي نحن فيه فمن سيتحمله معنا؟ وينسى هؤلاء أنهم لا يتحملون شيئا ولا عبئا بل إنهم بعينهم عبء على الشعب وعلى كاهل المواطن منذ زمن طويل وهم من أوصل البلاد إلى هذا القدر من الانحطاط الاقتصادي والمعيشي بسرقاتهم وبتوريثهم المناصب. فلأنه فلان بن فلان يصبح وزيرا ورئيسا للوزراء وسفيرا ورئيسا تنفيذيا ومديرا عاما وغيرها من المناصب التي تجلب معها المحاسن من مال وجاه ورفعة على حساب المواطن البسيط الذي لا ظهر له ولا سند رغم أن الكثير من أبناء هؤلاء البسطاء متعلمون وعلى قدر عال من التعليم يؤهلهم للنهوض بالأردن واعتلاء أعلى المناصب ولكن لا حظ لهم ولا سند لأنهم أبناء البطة السوداء. 
فالأردنيون صنفان: في النار وفي الجنة الأرضية. فمن في النار الأرضية هم غالب الشعب ممن يكدحون ليل نهار لأجل أن ينهض الوطن ولكن بوجود حفنة من المستغلين الذين توارثوا المناصب ممن يخدمون اجندات خارجية على حساب الوطن ومصالحه الاستراتيجية وفق إملاءات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرها من المؤسسات ذات الاجندات السياسية. واليوم نرى ان الهوة تزيد بين المواطنين ونخشى أن تتسع أكثر حتى لا يعود هناك خوف لدى المواطن على استقرار مجتمعهم ما يدفعهم الى ارتكاب مخالفات قانونية واجتماعية تطيح بالمعايير التي بني عليها المجتمع.
إن الحكومة الحالية ليست بأسوأ من الحكومات السابقة بل هي على شاكلتها ولكن تم ترحيل مسلسل الاسعار والضرائب من حكومات سابقة إلى هذه الحكومة أي أن هذه الحكومة هي كبش فداء. لعل “قلاية البندورة” التي كنا نعاير بضعنا بها في الماضي قد أصبحت اليوم أغلى من المنسف بل هي عملة صعبة وصارت رمزا وطنيا لأن مكوناتها ليست متاحة للجميع. فقد كانت القلاية هي البديل للحم والدجاج واليوم ليست متاحة لـ 99% من الشعب الأردني المغلوب على أمره. والسؤال: إذا كانت العقوبات على الشعب الأردني بسبب فئة ضالة قليلة، فلم لا تتم مصادرة أموال هؤلاء الفاسدين المفسدين ممن سرقوا أموال الشعب الكادح والحاقها بالموازنة؟ أليس هؤلاء هم من اوصل الموازنة العامة للمملكة إلى هذا الحد؟
وفي الختام نقول: لك الله أيها الشعب النبيل، لك الله أيها المواطن العفيف، لك الله، فمت شهيدا مرفوع الرأس حتى يعيش فلان بن فلان بن فلان بقصر عاجي. والله إننا نعرف بعضنا جيدا ونعرف أن الأردن كان منذ بضع سنين قرية صغيرة ويعرف كل منا الآخر. من أين لك هذا، كان يجب أن يدرج هذا القانون ويفعَل لا أن يفرض بالإكراه على الشعب دون كبار المسؤولين الذين يتوارون بقوة القانون والواسطة والنفوذ عن عين العدالة.
نعم إنه الشعب الذي لا يريد سوى الاصلاح ومحاسبة الفاسدين ممن سرقوا قوتهم وقوت أبنائهم. ليس الاستعمار مشكلتنا اليوم ولكن الاستعمار الحقيقي هو من بني جلدتنا ممن يضحكون بوجهنا ويطعنون بنا. سامحهم الله وكان الله في عونك ايها الأردني الاصيل لأنك ابن البطة السوداء وهم أبناء الإوز الأبيض.فأنت البقرة الحلوب وهم ماكينات الحلب.
 
وأقول في هذا السياق شعراً:
هو الفساد يا صاح قد خيم على كل شي
هو الفساد الذي أحال إلى صوان قلب المرتشي
هو الفساد الذي استوطن ربوع حكوماتنا
هو الفساد الذي يغشى الحقيقة من غشي
 
 

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

ذوو الشهيد الجازي: نعتذر لكل من تأثر بالعملية

الأول نيوز – قدم ذوو الشهيد ماهر ذياب الجازي شكرهم للملك عبدالله الثاني ابن الحسين …