صفقة القرن بل صفعته في قاموس الأردنيين

د. شهاب المكاحله — واشنطن –

يعلم الجميع أن الأردن بكافة مكوناته ونظامه يتعرض لاقصى انواع المؤامرات الاقليمية والدولية التي تحاك ضده بغية تمرير صفقة القرن الحادي والعشرين او ما يطلق عليه باسم:  “Great Bargain – Century Deal”. نعم، وفي هذه الحالة يدفع الثمن الشعب نظرا لأن كل ما يجري حوله انقلب ضده. فتعرض الاردن لتهميش متعمد لتقييد دوره المحوري في ملفات المنطقة وخاصة تلك المتعلقة بقضية القدس يعني ممارسة اكبر للضغط الاقتصادي والمالي عليه حتى يرضخ الاردنيون للضغوط الاقليمية والدولية لتمرير تلك الصفقة على حساب مصالح المملكة العليا.
نعم هناك اخطاء كثيرة تعاقبت عليها حكومات مختلفة فليست الحكومة الحالية بالأفضل حالا مما قبلها وليست الحكومة السابقة بافضل مما سبقها لأن نظام التوريث في الحكومات ولًد ضعفا بنويا كبيرا: فإذا كنت فلاحا ستبقى كذلك وإذا كنت عاملا ستبقى كذلك فالمناصب معروفة “توزع بنظام الكوتا الـQuota” أي نظام “حكلي وبحكلك”.  استغلت الدول الاقليمية والدولية هذه المسألة وبدأت تمارس الضغط السياسية متبوعا بضغط مالي واقتصادي على الاردن وبزخم اعلامي للواقع المأساوي للأردنيين وطريقة العيش مقارنة بغيرهم من الدول إذ عمدت تلك الدول إلى ممارسة سياسة “العصا والجزرة” مع الشعب والحكومة. كل ذلك كان مقصودا بالطبع لتأليب الشارع على الحكومة علما بأن الحكومة الحالية لا فرق بينها وبين سابقاتها كما ذكرت الا باسم رئيس حكومتها.
نعم، المؤامرة كبيرة: الضغط على نظام الحكم كبير وبالتالي الضغط على الحكومة التي بدورها تضغط على الشعب كملاذ آمن لها والشعب قد وصل إلى مرحلة الاشباع من كثرة الضغط حتى بات لا يهمه إن كان في غياهب السجن أو خارجه لأنه يعتبر أن كلاهما واحد ولا يدري المواطن الذي لم تصارحه الحكومات جميعها أن هناك لعبة اقليمية اكبر من حجم الاردن وسوريا والعراق واليمن وليبيا خُطط لها منذ أكثر منذ 30 عاما. وأنه حتى يُصار إلى تمرير “صفقة القرن” أو ما اسميه “”صفعة القرن” على حساب الشعوب الحية في بلاد الشام والعراق كان لا بد من اضعاف هذه الدول سياسيا واقتصاديا وماليا.
فكان المشروع في العراق الذي عانى منذ عام 1980 من حروب خاضها أبناؤه نيابة عن الأمة العربية التي خذلته وتخلت عنه وكان أن تراجع الجيش العراقي من حيث المكانة العسكرية من المرتبة 6 إلى مرتبة متأخرة. وتم تدمير العراق الذي بات ينادي اليوم بإعادة اعماره واستجداء المساعدات من دول أقل منه نفوذا وقوة اقتصادية. العراق الذي يعد ذو الاحتياطي الأكبر عالميا في النفط يستجدي المساعدات لإعادة اعماره. إنها مهزلة أبطالها للأسف دوليون واقليميون.  والمؤامرة الثانية كانت لسوريا لتدميرها وتشتيت أهلها والضغط  عليها لقبول “صفقة القرن”. واليوم جاء الدور على دول مثل الأردن ولبنان الذين لا يراد لهما أن يضعفا عسكريا وأمنيا لأنه ليس من صالح دول اقليمية ولا دولية ذلك. كل هذا الضغط على الاردن اقتصاديا وسياسيا لوقوفه سنوات إلى جانب القضية الفلسطينية.
ولما كان الأردن هو الداعم الرئيس للقضية الفلسطينية وللقدس كان لا بد من تفعيل واختصار المسافة بالضغط اكثر للي ذراع المملكة سياسيا عبر الضغط الاقتصادي وعدم الوفاء بالتعهدات. كل ذلك فاقم من حدة الموقف وهيج الشارع ضد الحكومة التي أرى أنها ليست الاسوأ بل أن الظروق لم تخدمها لأن الحكومات التي سبقتها لم تكن بأحسن منها حالا بل إن الظروف حينها كانت لا تزال قابلة لممارسة المزيد من الاجراءات التقشفية وشد الحزام على الشعب. فإن كان لا بد من محاكمة للحكومة فإن المحاكمة لا بد وأن تطال ابطال الحكومات السابقة الذي أضاعوا الفرصة حين كان البترول للأردن بالمجان ولم يبنوا لنا اقتصاد طوارئ للظروف التي يمر بها الشعب اليوم. كان لا بد أن يعلم الساسة الاردنيون أن زمن المساعدات الاقليمية قد ولى ولن يعود لأنه مُسيًس.
علينا أن نرى الأمور بعين مفتوحة مقارنة بما هو جار حولنا. ولكن علينا أيضا أن نعيد النظر في آلية انتخاب ممثلينا الذين بات معظمهم يسعى لتحقيق مكاسب له ولذويه ومن لفً لفهم دون الاخذ بعين الاعتبار مصالح الناخبين. هي الصفقات بعضها صفقة القرن وبعضها صفقة العمر. هو الكرسي حدث ولا حرج.
وفي الختام، أقول إن الشعب يريد  التغيير ولكنه لا يستطيع لأن رأس المال هو المتحكم بزمام الأمور بينما من يستطيع التغيير من كبار المتنفذين في الصناعة والاقتصاد والبنوك  لا يريدون التغيير لأنه ليس من صالحهم التغيير. وبالتالي يبقى الحال على ما هو عليه حتى إشعار آخر. 
 

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

تأخرنا كثيرا دولة الرئيس!

أسامة الرنتيسي – الأول نيوز – حاشا لله أن يكون هدفنا وضع العصي في دواليب …