د. شهاب المكاحله
ان تكون مَلكاً ليست مهنة سهلة وأن تكون في الشرق الأوسط كان الله في عونك. هذه قد توجز ما قاله جلالة الملك عبدالله الثاني في زيارته منذ أيام قليلة للبادية الوسطى. نعم، إنها مسؤولية كبيرة على عاتقه فهو يريد الاستقرار للمملكة والحفاظ على مكتسباتها والإبقاء على الوصاية الهاشمية للمقدسات في القدس الشريف. ولكن ملفات الاقتصاد والفقر والبطالة التي يعاني منها الأردن تؤرق مضجع القائد لما في ذلك من آثار سلبية على أمن المجتمع دون أن يجد مساندة من عدد من المسؤولين الذي باتوا عبئا على كاهل الوطن.
حاول جلالته منذ توليه الحكم الامساك بزمام الامور لكن التطورات التي عصفت بالاقليم وقلة المساعدات حرمت الأردن من الكثير من المشاريع التي كان يطمح لتنفيذها. ويبدو أن سياسة لي ذراع الاردن ماليا واقتصاديا باتت بالنسبة للبعض هي الوسيلة الوحيدة لثنيه عن رأيه الداعم للقضية الفلسطينية وحل الدولتين مع انشغال العرب كل بأزمته الداخلية ومكائد بعضهم لبعضهم وتركهم ملف القدس جانبا للفلسطينيين والاردن فقط.
ليس سهلا ان تكون مَلكاً وأباً لكل الاردنيين. وهذا ما تحدث به لسان حال الملك عبدالله الثاني منذ أيام خلت عقب التعديل الوزاري بأنه لن يتهاون مع أي مسؤول يقصر في خدمة وطنه. فالملك لا ينام الليل بسبب التحديات الاقتصادية التي يواجهها الأردن، والتحديات الأمنية والجيوسياسية بينما ينام المسؤولون قريرو الأعين.
ما معضلة الاقتصاد الاردني؟
إن اقتصاد الاردن هو الأكثر اعتمادا اقليميا على المساعدات والمنح الخارجية حتى وصل إلى مرحلة الادمان. فالمساعدات والمنح تأتي على رأس مصادر الدخل في المملكة. ينتعش اقتصاد البلاد بالمساعدات والمنح ويتراجع بتراجعها. ولكن لأن المساعدات تلك باتت مرتبطة ارتباطا وثيقا بالسياسة فإن الوضع الاقتصادي في الأردن ما لم يتم الاعتماد على برامج تنموية سريعة تدر الدخل لن ينفعه بعد اليوم مساعدات مهما بلغت قيمتها.
وهذا واضح من خلال ما صرح به رئيس الوزراء هاني الملقي خلال لقائه القطاع التجاري في غرفة تجارة عمان في أكتوبر 2017 حين قال: “نحن في وضع يجب فيه الاعتماد على الذات”. لذلك كان على الحكومة ان تلجأ الى طريقين: اولهما: أن يتحمل المواطن تراجع المنح ويدفع الفرق من جيبه من خلال رفع الدعم عن السلع وزيادة الضرائب. أما الطريق الثاني فهو تفعيل القطاعات الاقتصادية وتسريع عجلة دوران النقد مع أنها ستؤدي الى زيادة التضخم. ولكن في كلتا الحالتين لا يمكن أن يحس المواطن بتحسن عجلة الاقتصاد ما لم يتم القصاص من الفاسدين في الدولة وجذب استثمارات للمشاريع المتوسطة والصغيرة.
والسؤال الذي اريد طرحه، كنا في الماضي نتحدث عن جعل الاردن سنغافورة الشرق الاوسط، وكان هذا الحديث في التسعينيات من القرن الماضي. وكنا نأخذ المبادرة لجعل الاردن رائدا في التعليم في المنطقة وخلق جيل ريادي في كل المجالات التكنولوجية. واليوم أين وصلنا؟ يقولون إن الأردن محدود الموارد. مع تحفظي على هذه العبارة التي عفى عليها الدهر، يعرف الكثير من الاردنيين أن هذا الامر مغلوط تماما. ولكن ولو سلمًنا بمقولة محدودية الموارد، فكيف كانت سنغافوره بلد البعوض والحشرات تتحول في عقد من الزمان إلى بلد المليارات والمليارديرات وناطحات السحاب والصناعة وأسواق المال والتعليم؟!
الجواب ليس عندي ولكن في حقيبة المسؤولين الذين غاب عن بعضهم شعار: الله الوطن الملك. وهنا غاب عن بعضهم مخافة الله وغاب عنهم مصلحة المواطن ومن لم يخف ربه، وخان وطنه خان مليكه ولا يستحق أن يكون على كرسي المسؤولية. فالملك لا يمكن أن يكون في كل دائرة حكومية أو في كل وزارة أو مؤسسة. إن لم ينبع الحرص وحب العمل والاخلاص للوطن من قلب كل مسؤول فلن تنفع معه كل النصائح والتوصيات.
الوسومالأول نيوز الاردن سنغافورة شهاب المكاحله
شاهد أيضاً
هل تضبط الكاميرات نظافة شوارعنا ؟!
أسامة الرنتيسي – الأول نيوز – سنرفع القبعات ونقدم الشكر لمن قرر زرع …