مقالات مشابهة
د. إسراء الجيوسي –
ثورة بلا أسلحة تعمل كأجهزة التنقية، تدخل بالروح فتغسل أعماق البشر…
الموسيقى هيّ أداة لا يستخدمها إلا الأنقياء، يعزفونها في أنحاء الكون كله، لعلهم يصلحون بها البشرية..
سرها يتزامن مع سحرها عندما تدخل إلى أعماقنا فتعمل بدواخلنا ثورة وفوضى بيضاء تعيدنا إلى مسارنا واتزاننا…
ولو كنّا مدركين لأهمية الموسيقى لما وصلت الحال بنا إلى ما نحن فيه..
ولهذا أسعى جاهدة لزرع تلك الأفكار لربما تتغير حالنا وحال أبنائنا؛ ولكي نجني ثمار ما أقول يجب أن نؤمن بقدرة الموسيقى على التغيير ؛ والسؤال كم منا من يسمعون معزوفة “ضوء القمر”للموسيقي الألماني بتهوفن ، وهو ملحن وعازف بيانو، وهوَ أحدُ الشخصيّات البارزة في الحقبة الكلاسيكيّة التي تَسبِق الرومانسيّة؛ ويُعتَبرُ من أعظَم عباقرة الموسيقى في العصور جميعها، وأكثَرهُم تأثيراً وابداعاً…
أقسم لكم أن من يسمع تلك الموسيقى يرتقي إلى أعلى المراتب ويتخلص من الأحقاد والضغائن، وأقسم أنها من جديد تعيد اتزان البشر وتحدث انقلابا داخليا، تجعل الشخص يرى كل ما لا يراه ويفعل ما لا يفعله من الخير؛ إنها أفيون الحياة تعالج النفوس الضعيفة أو الضائعة أو النفوس المريضة؛ بل هي تتعدى إلى أكثر من ذلك هي أداة للسلام …
دعونا نضع النقاط على الحروف والتجربة خير برهان …
إن كنت بأشد حالات التوتر والغضب والهيجان فمجرد سماعك الموسيقى ستشعر أين يأوي بك الحال….
أنا متأكدة أنك حلقت في الفضاء، وراقصت الغيوم ولامست النجوم ونسيت الهموم، وانتابك شعور الإنسان الحر الذي فتح ذراعيه للحياة، فطغت تلك الأوتار السنفونية على أذنيك فشتت كل الموجات السلبية وأعادتك لهدوئك، تنظم أوراقك وتفتح دفتر ذكرياتك تسجل فيه ما حلو وجميل..
فأنا أؤمن أن الموسيقى في هذا العصر هي السلاح الوحيد الذي يحدث التغيير الإيجابي المنشود، هي الثورة البيضاء التي تتفق عليها كل الشّعوب، فهي لا تميز بين عرق أو دين أو غني أو فقير، لأنها متاحة للجميع وفيها علاج لكل نفس مريضه أو منهكة أو في حيرة من أمرها…
وهي في عصرنا هذا هي أفضل الأسلحة لمعالجة الانحراف والتطرف والتعصب، لأنها موجهة إلى أعماقنا وأفكارنا فتعيد بناء ذواتنا وتعيدنا إلى هدوئنا وتعمل على مخاطبة ليس فقط عقولنا بل أيضاً أجسادنا فتحدث التغيير فينا.
ودمتم طيبين…
