الأول نيوز – عندما تتعقد النزاعات السياسية بسبب الاختلافات المذهبية في مجتمع ما، فإن ذلك يضع في طريق حياة الأفراد عقبات لا نهاية لها. ولكن على الرغم من وجود مثل هذه العقبات، هناك من يمكنه التغلب عليها.
عمر ومريم مثال لزوجين من البحرين قررا المضي قدما في مشروع اقترانهما على الرغم من اختلاف انتماءاتهما المذهبية، إذ كان كان الدافع الرئيسي لاجتياز الاختلاف المذهبي هذا، ما يربطهما من توافق عاطفي وفكري.
تقول مريم، وهي ابنه لأسرة شيعية، إن زواجها من شاب سني لن يؤثر على مذهبها أو ممارستها لشعائره الخاصة. وتؤكد أنها نادرا ما تتطرق لهذا الاختلاف مع زوجها السني.
“نادرا ما نتطرق إلى الحديث في هذا الأمر، لكن في أحيان قليلة نلاحظ أننا مختلفان في ممارسة بعض الشعائر، لكن هذا الاختلاف لا يؤدي إلى خلاف” كما تضيف.
أما عمر فيقول إنه يترك لزوجته الحرية الكاملة في ممارسة شعائرها التي تربت عليها، مضيفا أنه لم ولن يجبرها على تغييره سعيا لإرضائه كزوج.
معارضة في البداية
وعلى الرغم من هذا الانسجام الذي تحدث عنه العروسان البحرينيان، إلا أن زواجهما لم يكن يلقى ترحيبا في البداية ولا سيما لدى جميع أفراد عائلة مريم، فوالدتها، التي جاءت من عائلة سنية، لكنها اتبعت المذهب الشيعي بعد الزواج، عارضت زيجة ابنتها في البداية.
وتقول مريم: “أبي وهو شيعي الأصل لم يعترض على زيجتنا على الاطلاق، أما أمي فقد رفضت وكانت تخشى ان يعترض أهل ابي، لكنني أقنعتها بأن تقييم أي انسان يجب ان يستند على اخلاقه وشخصيته وليس مذهبه او ديانته”.
وأضافت أن اعتراض أمها لم يكن شيئا غير مألوف، إذ أن بعض العائلات البحرينية تمتعض من فكرة الزواج بين المذاهب.
وتقول مريم: “لكي اتحدث بشكل واقعي، أرى أن هنا ما يقرب من 40 في المئة من الاسر البحرينية لا تقبل بها الزواج المختلط”. لكن زوجها عمر يرى أن النسبة أقل من ذلك بكثير، وأن شبابا بحرينيين باتوا يقبلون على الزواج المختلط في الآونة الأخيرة نتيجة لاختلاط البيئة وانفتاح المجتمع.
وتتسم الزيجات المختلطة في البحرين، بحسب ما يقول بعض المختصين في أمور الزواج، بالسلاسة عادة، إلا في بعض الحالات التي يشترط فيها ولي الأمر تضمين بعض اتفاقات الزيجة في وثيقة الزواج.
ويقول المأذون البحريني، محمد جعفر، إن من ضمن هذه الشروط، على سبيل المثال، تعهد الزوج بعدم إجبار زوجته على تغيير مذهبها بعد الزواج وعدم إجبار أطفالهم، مستقبلا، على اتباع مذهب أي من الأبوين.
ويضيف جعفر أن هناك “بعض أولياء الأمور من الأسر السنية يرفضون ذكر أسماء أهل البيت، بيت النبي محمد، او بعض الادعية التي يرددها الشيعة اثناء عقد القرآن.
ويشير إلى أن عدد الزيجات المختلطة التي ترد إليه شهريا ربما تتجاوز الأربع زيجات.
ويعقد البحرينيون زيجاتهم عادة وفقا للمذهبين السني والشيعي، وفي حالات النزاع يتعين على الأطراف المعنية التوجه الى المحاكم السنية او الجعفرية.
وتقول مريم إنه بالرغم من انتمائها للمذهب الشيعي فان والدها فضل أن يوثق زواجها وفق المذهب السني.
ويقول المأذون محمد جعفر ان سبب ذلك ربما يرجع الى ان إجراءات الطلاق والنزاعات، في المذهب الشيعي، عادة ما تستغرق وقتا أطول لتسويتها مقارنة بالمذهب السني الذي يسهل إجراءات الحصول على الطلاق.
السياسة وسيط أحيانا
ولا تعد قصة زواج عمر ومريم النموذج الوحيد الذي يجسد استمرار الزيجات المختلطة في البحرين، وإن كانت أحدثها، فالسياسي السني المعارض إبراهيم الشريف هو طرف أيضا في زيجة مختلطة أخرى.
ويقول إن السياسة في حالته أدت دورا وسيطا في اقترانه بزوجته الشيعية فريدة غلام.
ويضيف الشريف أن الزيجات المختلطة “تنحسر في الوقت الراهن مقارنة بما كان عليه الحال في حقبة السبعينيات من القرن الماضي حينما كانت تسود أجواء مختلطة وتعددية”.
ويضيف قائلا “ان الأوضاع الان صارت اكثر حساسية نتيجة لما شهدته المملكة من احداث في عام 2011”.
ويقول” كان امرا طبيعيا ومعتادا ان تنشأ قصة حب بين سني وشيعية وتنتهي بالزواج عندما كنا طلابا جامعيين، اذ كانت الأوضاع السياسية أوضاعا وطنية لا طائفية. اما الان فالبيئة غير مشجعة على الإطلاق للزواج المختلط”.
وبرأيه فإن ما يعيشه المجتمع البحريني من “انقسام طائفي” هو ما يعيق عملية الاندماج الاجتماعي بما في ذلك مؤسسة الزواج.
ولا توجد ارقام رسمية تحصي عدد الزيجات المختلطة التي سجلت في البحرين في الشهور الأخيرة، لكن بعض خبراء الاجتماع يرون انه من الصعب القول إن هذه الزيجات بدأت في الانحسار.
ويقول الباحث البحريني باقر النجار ان الزيجات المختلطة لم تتوقف رغم غياب الأرقام الرسمية التي تؤكد ذلك او تنفيه.
ويضيف قائلا: “لكنها من دون شك تأثرت باحتجاجات عام 2011 والمد الديني والاستقطابات المذهبية التي باتت تؤثر على المنطقة بأكملها خلال العقد الأخير”