دور المرأة في المشاركة السياسية والحزبية

د. إسراء الجيوسي –
 
يقاس تطور  المجتمعات بتفاعل أفراده، ووعيهم ومشاركتهم في شتى المجالات، ومعرفتهم بما يدور من حولهم، أهمها يكمن في دور الأفراد  في عملية صنع القرارات السياسية، وصياغتها، ومراقبة تنفيذها، ونقدها وتقويمها، إضافة إلى المشاركة في اختيار الحكومات.
وترتبط المشاركة السياسية إرتباطاً وثيقاً بالمواطنة التي تتمثل في جميع النشاطات التي يقوم بها المواطنون ، وتستهدف التأثير  في صناعة القرار السياسي، والتي تشمل الترشيح للمجالس التشريعية و المحلية ومواقع قيادة هيئات المجتمع المدني ، كما تشمل الانتخابات في مختلف الهيئات الحكومية، إضافة للمشاركة في عضوية الأحزاب السياسية واستلام مراكز صنع القرار على مختلف مستوياته؛ ومن هذا المنطلق العام الذي يؤكد ان المواطنة هي حق للجميع ويشترك فيها جميع الأفراد، نساء ورجال، نتوجه إلى منطلق أكثر خصوصية يسلط الضوء على مشاركة المرأة السياسية والحزبية وحقها في أن يكون لها دور فعال كونها جزء من شريحة المواطنين الذين سيراعي التخطيط احتياجاتهم وقضاياهم؛ ومن هنا تأتي ضرورة مشاركة المرأة في وضع و مناقشة خطط التنمية حيث أنهاتصبح ذات أهمية بالغة لما لمراكز القوة و السلطة من تأثير  في حياتها.
ومن مبدأ العدالة الذي يساوي في الفرص بين الرجل والمرأة وأنّ قضية المرأة هي قضية مجتمعية لأنها تشكل نصف المجتمع فإنه لا يمكن إحداث أي تقدم فيها إلا بتقدم المجتمع ككل وتوافر شروط اجتماعية واقتصادية وسياسية من أهمها التنمية والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية ؛ ولهذا يتوجب علينا القضاء على التمييز بين الجنسين، لأنه لم يعد مجرد شعارات نظرية وإنما أصبح ضرورة حتمية من متطلبات الحياة المعاصرة, إضافة إلى أن المرأة أصبحت طرفا مهما في عملية التغيير  خاصة إذا نظرنا إلى نسبة وجودها في المجتمع وزيادة نسبة المرأة المتعلمة والمثقفة في الأردن ما يتطلب عدم إهمالها ومحاولة الإستفادة منها بإقحامها في شتى المجالات لا سيما السياسة؛ لذلك بات من الصعب الحديث عن تقدم أي مجتمع يقبع نصفه تحت وطأة الأدوار النمطية، والموروثات الثقافية المجحفة بحق المرأة، أو الانتقاص من أهمية دورها كشريك في عملية التنمية الشاملة؛ هذا ما تؤكده المادة السادسة من مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة حيث أن الفقرة (1) تنص على “أن الأردنيين أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق،أو اللغة، أو الدين “وبما ان المرأة هي نصف المجتمع إذاً لا يمكن فصل نصفه عن النصف الآخر في قيادة المجتمع، لا سيما ان المرأة تشارك الرجل في حياته في مختلف المجالات الإقتصادية والاجتماعية، وبالتالي لا بد من الاهتمام بها، وإتاحة الفرصة لها كي تتحمل مسؤولياتها بكفاية, وضرورة مشاركتها على أوسع نطاق في عمليات التنمية وعدم تهميشها، أو تهميش دورها في سعي هذه المجتمعات لمواكبة متطلبات العصر الحديث؛ ففي أغلب المجتمعات نادرا ما تتولى مهام حزبية حساسة، فلا نجدها  أمينة عاما للحزب أو ناطقة رسمياً أو مفاوضة حزبيةً في الصف الأول , و تُحشر دائماً في تكليفها بملف المرأة مما يُوحي بأنه منصب شكلي وصوري لن يُغير شيئا في أغلب الأحزاب إذا تم التخلي عنه.
إن من أهم الأسباب التي دفعتني إلى اختيار هذا الموضوع هو رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في تفعيل دور المرأة في جميع المجالات وتحديداً في المشاركة السياسية المتمثلة في أخذ دورها في الأحزاب السياسية, كون أن المرأة هي من أهم المفاصل الأساسية في عملية التغيير الاجتماعي و التنمية الشاملة الهادفة التي تسعى إلى بناء مجتمع ديمقراطي مدني متوازن.
ومن خلال استعراض المعوقات التي تحد من قدرة المرأة في المشاركة الفعالة في الحياة السياسية في المجتمع الأردني نجد أنها معوقات ثقافية من أهمها معارضة الرجل لمشاركة المرأة في الحياة السياسية ، فهو مازال ينظر إلى دور المرأة ضمن توقعات الأدوار الجندرية التقليدية ، إذ يعتقد الغالبية أن قدرات المرأة بشكل عام هي أقل من قدرات الرجل خاصة في العمل السياسي و اتخاذ القرارات المهمة و أن الرجل أكثر عقلانية من المرأة .
وهذا الإفتراض خطأ لما لعبته السيدة الأردنية من أدوار وأثبتت فيه قدرتها على لعب الأدوار وتحمل المسؤولية جنباً إلى جنب مع الرجل, إضافة لعدم توافر الدافعية لدى المرأة نفسها نتيجة انتشار الأمية الثقافية و القانونية وعدم الاهتمام الكافي بقضاياها من قبل الحكومة و البرلمان و عدم إيلاء الأحزاب الأهمية الكافية لإدماج قضاياها ببرامجها أو إدماجها في العمل الحزبي في المجتمع الأردني.
ولهذا يتوجب علينا بدايةً نحن كشعب من مختلف شرائح المجتمع ومن كلا الجنسين العمل على تحقيق رؤى جلالته في جعل الأردن دولة ديمقراطية مدنية حزبية؛ ولكي يكون إصلاح سياسي مثمر لا بد من انخراط الأفراد جميعاً في الأحزاب السياسية وممارسة أدوارهم وحقوقهم وواجباتهم اذ لا بد من عمل توعية كاملة عن أهمية وجود الفرد ضمن حزب يؤثر ويكون له دور كبير في المشاركة السياسية وفي صنع القرار السياسي وبذلك يحدث تنظيم لمنظومة المجتمع ككل من خلال العمل الحزبي للأفراد الذي سيسهم إسهاماً كبيراً في التغيير الإيحابي والأمثل في جميع المجالات وإحداث نهضة فكرية شاملة تعيد بناء المجتمع ليكون مجتمعا ديمقراطيا مدنيا حزبيا متوازنا.
ودمتم طيبين.

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

هيئة بحرية: سفينة قبالة المخا اليمنية تبلغ عن هجومين وأضرار طفيفة

الأول نيوز – قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، السبت، إنها تلقت تقريرا عن هجومين …