موقع الأول نيوز الأخباري كن أول من يعلم
مقالات مشابهة
ماهر سلامة –
مسرح البلد الذي حمل ومازال يحمل شعلة تقول “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان” يتعرض أيضا ضمن الخرابات العديدة الى أزمة تنهشنا جميعا.. نعم جميعا. فالخبز بلا وجدان وثقافة يصبح بلا طعم وفائدة، الخبز وقود الانجاز والابداع، وليس لتسمين العجول.
انجز مسرح البلد في مسيرته منذ 2005 وحتى الآن أكثر من ألف عمل مسرحي وموسيقي، وشاهد عروضه أكثر من 100,000 مشاهد من الشباب والكبار والاْطفال. كل ذلك بمبادرة شخصية حملها على عاتقه رائد عصفور وسيرين حليلة. هذه الشعلة التي ابقاها رائد مشتعلة امتدت من التجربة الثرية التي حفرها في الصخر مسرح الفوانيس بقيادة نادر عمران ورائد عصفور، وكثيرين من اعضاء الفرقة وأصدقائها.
إن كنا نتكلم عن السياحة الفنية، التي جعلت من الاْردن ملتقى الشرق والغرب، فإننا نتكلم عن هذه الشعلة التي قدمت فنانين عالميين في المسرح والموسيقى الى فنانين الاْردن، وقدمت الاْردن و فنانيها الى العالم. فقد أسهمت هذه الشعلة في صياغة صورة الاْردن أمام العالم.
كل ذلك تم بمبادرات فردية خارقة حفزت كل وطني ومبدع أردني أفرادا ومؤسسات الى المساهمة في انجاز أعراس وطنية ابداعية وضعت الاْردن على خارطة الابداع الثقافي الإنساني. كثيرة وثرية هي المبادرات الشخصية التي لفت حولها الفرح والثقافة والوعي.
ولعل من أهمها تجربة فرقة الفوانيس وامتدادها المبدع مسرح البلد. نقول ذلك لنؤكد أن لكل انجاز تاريخ وعرق وألم وتضحية وفداء حقيقي انتصارا للبعد الإنساني الاْردني.
عار ومعيب أن يُترك مسرح البلد وحيدا في معركة غير متكافئة بين رأس المال والإبداع، نتيجتها ليست إخلاء المكان فقط، بل نهش منجزات اردنية شارك بها الكبير والصغير، ولا ننسى هنا كم استثمرت حتى الدولة في هذه المشاريع، من خلال وزارة الثقافة وأمانة عمان الكبرى. من حق صاحب الملك أن ينفذ خطته كما يريد، ولكن من حق هذا المنجز أن يبقى، ومن حق هذه الشعلة أن تبقى منيرة.
في كل دول العالم الثقافة والابداع محمية ومدعومة من الدولة والمجتمع، حتى في تونس تشتري الدولة تذاكر العروض المسرحية مقدما، ليتم الانتاج والعرض مجانا ومتاح للشعب طيلة العام. تنمية المجتمع مشروع تدعمه الدولة، وهذه رسوم تدفعها الدولة لتتمكن من قيادة شعوبها نحو الارتقاء، فتسهم في صناعة الاْمل والسلام المجتمعي قدما نحو الابداع والانتاج ومنافسة العالم بفرد أردني قادر على التواصل مع الحضارات.
احتراما وتقديرا لكل ضيوف وزوار مسرح البلد الذين اسهموا في بناء ثقافة أردنية إنسانية، واحتراما لكل هذه المنجزات والاستثمارات
التي قدمتها الدولة على مدى السنوات، على الدولة التحرك لإيجاد بديل يحترم صورة الاْردن، خاصو وإننا نستضيف في هذه الفترة مؤتمرا للحائزين على جائزة نوبل. لا يمكن أن نستقبل أهل نوبل ونحن نقفل مسارحنا ونفشلها.
