السبت , سبتمبر 21 2024 رئيس التحرير: أسامة الرنتيسي

نقاشات حول مسلمات إدارية…البصمة مثالاً

الدكتور ذوقان عبيدات –
 
أعلن أولاً، أنني لست مع البصمة ، ولكنني لست ضدها إطلاقًا!
أما أسبابي فهي :
–     يمكننا حشر المعلمين في الدوام. ولكن لا نستطيع إلزامهم على التطور.
–     كل عامل مسؤول وعليه أن يلتزم بساعات العمل والدوام ، وإلا صار العمل هواية أو مشروعًا ثانويًا لمجرد كسب العيش.
–     ولهذا، لا أرى البصمة حلاً – ولم تدعي وزارة التربية أنه حل ـ لمشكلات التعليم. ولكنه خطوة للضبط وتنظيم بيئة العمل. فلو طورنا كل ما يتوجب تطويره من مناهج وطرق تدريس دون تنظيم الدوام . فإن ذلك سيذهب هباءً. كما أننا لو حشرنا المعلمين في دوام منتظم لن يكفي وحده لحثهم على العمل. والالتزام بأخلاقياته.
 
(1)
الإدارة العلمية والإدارة الإنسانية
تستند الإدارة العلمية إلى مفاهيم وقواعد موضوعية مثل:
–     إذا تعارضت أهداف العمل مع أهداف العامل. فالأولوية للعمل!
–     الوقت من ذهب أو الوقت كالسيف.
–     حاجات العمل أولاً. وإذا تم توفيرها أو إشباعها فإن العامل سيكون سعيدًا.
–     القرار يصدر عن السلطة. ولها وحدها حق إصدار الأوامر.
بينما تستند الإدارة الإنسانية إلى قواعد أخرى مثل:
–     العلاقات الإنسانية والثقة والأمن هي أساس العمل.
–     الوقت استثمار وليس كالسيف. فنحن نمتلك الوقت ولا يمتلكنا هو.
–     حاجات العامل أولاً وأخيرًا.
–     الرضا والروح المعنوية أساس الإنتاج.
ومن الواضح إن الإدارة السائدة لدينا هي الإدارة العلمية بمفاهيمها المختلفة.
 
السلطة والقرار ، إدارة الوقت، تحقيق أهداف العمل ومن هنا، تأتي أهمية ضبط الدوام.
(2)
ساعات العمل لدى المعلمين
إن أيام العام الدراسي – وفق القانون – لا تقل عن 0 18 يوماً. وهذا يعني أن نصف العام الدراسي هو إجازات أو أيام لا عمل فيها للمعلمين.
ومعدل عمل المعلم اليومي خمس حصص يوميًا في أسوأ الأحوال أي 200 دقيقة أو ثلاث ساعات وعشرين دقيقة. وقد تكون أقل من ذلك بكثير!!
إذن يعمل المعلمون خمس عشرة ساعة أسبوعيًا، وهذا يقل كثيرًا عن عدد ساعات أي عمل. بل إن بعض العاملين يعملون هذا الوقت في يوم واحد أو يومين.
فالمعلمون مترفون، بشكل أو أخر، وربما وفر هذا لهم فرصًا لممارسة أعمال أخرى، وربما هذا بعض ما يزعج بعضهم إذا ضاعت هذه الفرص!!
وللإنصاف ، فإن بعض المعلمين يحتاجون وقتًا للتحضير والإعداد أو لتصحيح أوراق الامتحان أو الواجبات – التي لا يصلحونها – أو لإعداد أدوات عرض. وهذا يعني أن بعضهم يضطر للعمل من 3 – 5  ساعات أخرى أسبوعيًا في أفضل الحالات.
(3)
أنا مع الدوام الكامل للمعلمين
سواء كان هناك بصمة أو غيرها. فإن المعلم يجب أن يبقى موجودا بين الطلاب، ثم يعمل ساعتين بعد ذهاب الطلاب. إن هذه الفكرة تثير سؤلً مهمًا جدًا:
ولماذا يبقى المعلمون ؟ وماذا سيعملون؟
الإجابة من حيث المبدأ. يبقون لأنهم عاملون! ويتقاضون رواتبهم وفق متطلبات العمل!! وهذه المتطلبات هي:
1-   أن يقيم المعلم علاقات مهنية وإنسانية مع سائر المعلمين.
فالملاحظات تشير ، أن معلمي المدرسة الواحدة لا يعرفون شيئًا عن زملائهم – فالمعلم يعطي حصته ويغادر. وهكذا لا تنشأ أي روابط بينهم. وبمجرد انتقال المعلم إلى مدرسة أخرى تنتهي علاقته بمدرسته السابقة وبمعلميها وبطلابها!!
ولذلك ليس لدينا فرق عمل مدرسية، وليس لدينا مجتمعات عمل مهنية، وليس لدينا نمو مهني، بل وليس لدينا علاقة بغير الحصص التي ندرسها.والأكثر أهمية لا مجال للنشاطات0
2-   إذا كان التعليم عملاً صعبًا وله متطلبات معقدة، فإن ذلك يتطلب البقاء في المدرسة لأطول فترة ممكنة وذلك للإعداد الجيد له. وليس سرًا أن نقول : يتطلب الإعداد لحصة جيدة ضعف عدد دقائق هذه الحصة. فالحصة الجيدة تحتاج إلى 80 دقيقة، وبذلك ترتفع ساعات عمل المعلمين إلى ضعفي الوقت الحالي. وهو مطلب رئيسي للتعليم الجيد.
ومرة أخرى ! ماذا يفعل المعلمون إن بقوا في مدارسهم فترة أطول؟ الجواب ، كما قلت : سيخسرون اهتمامهم بالعمل، وحرصهم عليه وإتقانهم له، كما يخسرون فرص إقامة علاقات مهنية.فيما لو غادروا وهذه خسارة لا تعوض.
أما ماذا يفعلون؟ فإن أمامهم الكثير :
–     يدرسون حاجات طلابهم ، كمجموعات وأفراد.
–     يدرسون أوضاع الطلاب في البيت والمدرسة.
–     يعملون خططًا مشتركة لتطوير موادهم.
–     يقترحون برامج لنموهم المهني.
–     يتبادلون الأفكار.
–     يعملون خططًا لتطوير البيئة المدرسية.
–     يستقبلون الآباء.
–     يقرأون كتبا تربوية.
–     يناقشون بحوثًا.
هذه أعمال ومهام للمعلمين أعتقد أن من الضروري تنفيذهاوأن يعد كل معلم تقييما ذاتيا لما فعل كل يوم مبينا الدروس المستفادة كما يجب أن يكلف المعلم بإعداد تصورات دورية عن رؤيته لتطوير التعليم0.
(4)
معلمون متذمرون
يلاحظ، أن جميع العاملين يمارسون أعمالهم بأقل درجة من التذمر، فلم أسمع موظفي البريد أو الجوازات أو الإعلام يتذمرون من ظروفهم أو رواتبهم أو دوامهم. بينما لا تكاد وسيلة إعلامية تخلو من معلمين يطالبون!، فإذا تأخرت الوزارة بدفع مستحقات تصحيح الامتحانات أو بدلات التدريب والمياومات، فإن عشرات الشكاوي تملأ وسائل الإعلام! لا أناقش حق المعلمين في المطالبة بحقوقهم، بل أشجع ذلك، وأشجع كل عامل بالمطالبة بحقه، ولكن أناقش أسباب توتر المعلمين،ونزقهم وسرعة شكواهم! في مقابل:
–     لم أسمع كثيراً من المعلمين يطالبون بحقهم في النمو المهني.
–     ولم أسمع أن بعضهم يشارك في ورشات مهنية بمبادرة منهم.
أطالب بدراسة توترات المعلمين، بعيداً عن البحث في الأسباب المادية والمالية، وهي جميعها في صالح المعلمين. فالمعلمون يمتازون بعلاوة عمل 100%، ويمتازون برتب مهنية، وألقاب مهنية لا تتوافر الأساتذة الجامعات ولبعض المهن الرئيسةكم أنهم يتمتعون بقروض سكنية دون فائدة وتسهيلات جامعية.
لا شك، إن المعلمين يعملون في ظروف عمل صعبة خاصة أولئك الذين يعملون في صفوف مكتظة. علماً بأن 50% من المعلمين يعملون في بيئات صفية مناسبة.
إذن يعمل بعضهم في صفوف مكتظة. ويزداد الأمر تعقيداً بضعف مهاراتهم وتأهيلهم. وهذا مصدر شرعي ومشروع لتوترات المعلمين .ومن المحزن فعلا الآدعاء بمشكلات السفر وصعوبة الوصول إلى المدرسة وأزمة المواصلات كمبررات لإلغاء البصمة0 أما أن البصمة تعكس عدم ثقة با لمعلم فهذا لايجوز  لأحد أن يتذرع به.
(5)
حلول
إن النمو الذاتي للمعلمين أساس في نموهم المهني. وإن أدوات هذا النمو متوافرة، وهي:
–     مجتمعات التعليم
–     التجارب والبحوث
–     تبادل الخبرات وسأعرض توضيحا سريعا لهذه المفاهيم:
1-   مجتمعات التعليم:
يتكون مجتمع التعليم من عدد من المعلمين أو من المعلمين والطلاب أو من معلمين و آباء.
ولنأخذ نموذج مجتمع التعليم من المعلمين: يتكون المجتمع من عدد معلمي المادة الواحدة، أو من معلمي المواد الإنسانية أو العلمية، أو معلمين من مواد مختلفة.
يهدف مجتمع التعليم إلى إنتاج معرفة تطويرية في مجالات طرق التدريس، والتعامل مع الطلاب والأهالي، وبذلك يحتاج مجتمع التعلم لأى اجتماعات دورية: مرة في الأسبوع أو مرتين أو أكثر. يتبادلون الخبرات والخطط، أو يضعون الخطط، أو يشرفون على تجارب أو يناقشون كتباً واستراتيجيات أو بحوثاً. أو حالات طلابيةً أو، أو مشكلات سلوكية.
2-   التجارب والبحوث
يقيم المعلم في مدرسته يتابع قضية ما أو يجري بحثا أو يطبق استبانة،، أو يبحث عن معرفة…….. الخ.
3-   تبادل الخبرات
يمكن أن يتم تبادل الخبرات فرديا بين معلمين أو بين مجموعة من مادة واحدة أو من مواد مختلفة ، وهذا يتطلب وقتاً يقضيه المعلمون في المدرسة.
(6)
ما يؤسف له
مرة أخرى نقول: ليست البصمة داءً حتى نرفضها، وليست دواء شافياً حتى نموت دفاعاً من أجلها. ولكن ما يؤسف له:
–     هذا الحشد ضدها من المعلمين، مدعوما بتراخٍ من نقابة المعلمين
–     هذا التخلي من بعض مسؤولي الوزارة، الذين يصرحون بأن البصمة قرار وزير لا قرار الوزارة. وبالمناسبة لم يعهد من هؤلاء أنه قدم اقتراحا واحداً لتطوير العمل التربوي
–     هذا التخلي من ديوان الخدمة الذي تبرأ  من البصمة وقال إن هذا شأن الوزارة وكأن البصمة عارٌ تاريخي!!
البصمة،  أيها الزملاء والزميلات آلية تنظيم العمل. وإذا اتبعتها الوزارة بإجراءات تشغيل وقت المعلمين إيجابياً فأنا أبصم للبصمة أيضاً.وىبقى لدي سؤالان
1-   لماذا ينتظم المعلم الأردني حين يذهب الى دولة أخرى دون تذمر؟
2-   لماذا تقل إنتاجية المعلم الأردني في بلاده؟ ألا يكفي التعليم انحدارا نتيجة عطائنا؟

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

ذوو الشهيد الجازي: نعتذر لكل من تأثر بالعملية

الأول نيوز – قدم ذوو الشهيد ماهر ذياب الجازي شكرهم للملك عبدالله الثاني ابن الحسين …