الواسطة والمحسوبية تقتلان الابداع

راشد البرماوي –
“الأردنيون أمام القانون متساوون في الحقوق والواجبات ” هذه إحدى أبجديات الدستور والقانون في الكتب والمراجع ولكنها على أرض الواقع ما زالت حلما للسائرين على الطريق …. طريق الجد والمثابرة والنجاح ، طريق اكتساب الخبرات ومقارعة التحديات ، على حساب لقمة عيش العائلة ، وكد وتعب ربها الحالم برؤية ثمار تعبه …. وإزهار غرس السنين بشقائها وثقل أيامها وطول لياليها .
وعلى حساب الحرمان …. حرمان ربة البيت الصابرة … برباطة جأشها وعظيم تضحيتها …. وصنعها من القليل كثير، ومن العدم أمل ومن صراع البقاء حياة …..
نتفاجأ كثيرا عندما نقرأ الأسماء الرباعية للمعينين في الوظائف الدسمة ( الي عليها العين ) كالسلك الدبلوماسي ، والمستشارين والمدراء العامين وبعض الأمناء العامين للوزارات بأننا نتعرف على آبائهم وأجدادهم من رباعية الاسم … ومن أسماء عائلاتهم أيضا …. فهل هي توريث ؟ أم أنه لا يوجد من يناسب هذه الوظائف غيرهم ؟ أم تراهم حقا قابلوا وامتحنوا وتفوقوا …!!!! انها سياسة الإقصاء التي يمارسها مجتمع الصفوة في توزيع المراكز …. اقصاء أبناء كل شبر بنذر وكل درجة علمية بقرض وكل نجاح بزغرودة…. لا بحفلة بفندق سبعة نجوم وبرحلة لمنتجع وبسيارة عالية المقام هدية وبشيك مفتوح مصروف الفرحة .
اننا بحاجة لاعادة تعريف المساواة بحيث تلامس الواقع وتنسخ الخيال … وتعطي كل ذي حق حقه ، على أساس الكفاءة والاقتدار لا على أساس ثقل الواسطة واقتران المحسوبية .
كما أننا اليوم أمام تحد واضح في طمأنة الطامحين للوصول بأن سياسة الشللية ستزول، تاركة المجال لسياسة المهنية العملية لتحكم بنزاهة واقتدار لانقاذ الجزء  المتبقي من ذلك الجيل الذي هده اليأس وبلغ فيه الإحباط مبتغاه …. حتى بات يئن من شدة اللاتفسير في عصر كثرة المفسرين والناطقين والمتنطحين للتبرير وتزيين الأداء ….
أين نحن من العالم …. ذلك الذي يحاكم رئيسة دولة سابقة لأنها ساهمت في تعيين صديقة قديمة لها في إحدى الوظائف بتهمة الفساد … ونحن نسمع نقاش لإحدى لجان مجلس النواب تتحدث عن ابن رئيس وزراء سابق تقاضى قرابة العشرين مليونا لعمله باحدى صناديق الضمان الاجتماعي … أي أموال المعلولين والقابعين من ثلاثة عقود في الوظيفة والعمل والكد والتعب ؟
ثم أين نحن من بلد يركب رئيس حكومته المواصلات العامة والموتوسكل للوصول لمقر حكومته ؟
وأين نحن من دولة يرفض أطبائها زيادة على مرتباتهم طالبين توجيه هذا الدعم لتحسين الخدمات الصحية للمواطنين ؟
انها بكل بساطة صدق الانتماء للآخر لا كل الانتماء للنفس …. انها انسانية العطاء لا وحشية الأخذ …. تلك هي السعادة …. سعادة الشعور بأنك ابن وطنك وناسك وأهلك ، وأنك عملت لهم لا لنفسك …..
وثمة شيء آخر يرتبط بالمحسوبية والواسطة وهو الفشل … لأنه لا يسعى لها الا من لا يجد في نفسه الكفاءة والقدرة على المنافسة ، وأن هذا الفشل سيعنون المركز الذي استحقه زورا وبهتانا ….
نحن اليوم نقف على مفترق طرق، إما أن نعبر المرحلة القادمة وقد وأدنا تلك الآفات القاتلة وأعلنا التوبة لنبدأ العمل من خلال مختبر اثبات القدرات والكفاءات وأنها هي الفيصل، وإما أن نزيد الطين بلة ونمعن فيما نحن فيه ونبحر نحو الضياع …. نعم ضياع الانتماء من جيل مل متلازمة الواسطة والمحسوبية لا بل مل آلية البراشوت باعتباره اختراع اردني بامتياز ، يأتي بسين وصاد ويضعه أمام عين ، وعين هذا لا يعرف سوى السلم الوظيفي ولا براشوت له !!!
أحسبني لا أعزف على وتر النفاق ان تذكرت توجيهات لجلالة الملك غير مرة، تتحدث عن ضرورة محاربة الواسطة والمحسوبية، طالبا أن تكون المفاضلة على أساس كفاءة الشخص، وليس اسمه ومرجعيته العائلية …… كم نحن محتاجون لتطبيق هذه التوجيهات من أصحاب القرار ، وكم من أناس تواقون لذلك ، فماذا أصحاب القرار فاعلون ؟ هل عساهم بها يعملون ….؟ باسمكم جميعا : نرجوا ذلك .

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

3141 طنا من الخضار والفواكه ترد إلى السوق المركزي الاثنين

الأول نيوز – بلغت كميات الخضار والفواكه والورقيات الواردة إلى سوق الجملة المركزي التابع لأمانة …