الأول نيوز – في عمله الشعري الأحدث، يطلّ الشاعر الأردني عمرو شرف على قرّائه بديوان يحمل عنوان “رسائل إلى تاليا”، مقدّماً تجربة شعرية تتسم بالعمق العاطفي والرؤية الفلسفية. هذا العمل لا يكتفي بسرد مشاعر الحب، بل يغوص في طبقات الوجود الإنساني، مانحًا القارئ فرصة تأملية فريدة من نوعها.
يجمع شرف في هذا الديوان بين الرقة اللغوية والبنية الفنية المحكمة، حيث تنساب القصائد كما لو كانت رسائل موجهة إلى “تاليا”، تلك الأنثى المتخيلة التي تسكن وجدان الشاعر وتشكّل مرآة لمشاعره وأفكاره. تتعدد أوجه تاليا ما بين الحبيبة، والحلم، والصورة الرمزية للحياة ذاتها.
تتسم قصائد الديوان بجمال التعبير وثراء المفردات، حيث يبرز فيها أسلوب شرف المميز في المزج بين السرد الشعري والنزعة التأملية، ما يمنح النصوص بعداً فلسفياً لافتاً. فكل بيتٍ يحمل في طياته إشارات عميقة إلى معاني الحب، والغياب، والوجود، في مقاربة تلامس روح القارئ وتدعوه للتفكر.
يتألف الديوان من 21 قصيدة، تتنوع في موضوعاتها وبنيتها، مما يعكس قدرة الشاعر على التجديد والتنويع داخل الإطار العام للديوان. وتتميز هذه القصائد بتباين أطوالها وأشكالها الفنية، مما يثري تجربة القراءة ويمنحها ديناميكية خاصة.
ما يلفت الانتباه في “رسائل إلى تاليا” هو الطابع التراجيدي الذي يهيمن على أغلب نصوصه. يستحضر شرف في هذا السياق عناصر الفلسفة الكلاسيكية التي تتناول أسئلة الوجود والموت والحب، مما يضفي على الديوان عمقاً إضافياً يتجاوز البعد العاطفي المعتاد في مثل هذا النوع من الشعر.
وقد حظي الديوان منذ صدوره بإشادة واسعة من القرّاء والنقاد، الذين أثنوا على نضوج الأسلوب الشعري وفرادته، إضافة إلى قدرة الشاعر على استخدام لغة بسيطة من حيث الشكل، لكنها مشحونة بالمعاني والدلالات.
“رسائل إلى تاليا” ليس مجرد ديوان حب، بل هو تأمل شعري في معنى الحب والوجود، حيث تتحول الكلمات إلى مرايا تعكس قلق الإنسان، وتوقه، وحنينه لما لا يُطال. هو ديوان يعيد للشعر وظيفته الأساسية كوسيلة للبحث عن الحقيقة، ووسيلة للبوح بما تعجز عنه اللغة اليومية.
بهذا الإصدار، يؤكد عمرو شرف مكانته كشاعر يمتلك حسًا مرهفًا ورؤية فكرية، ويضيف لبنة مميزة في صرح الشعر العربي المعاصر.