السبت , أكتوبر 19 2024 رئيس التحرير: أسامة الرنتيسي

الصالونات الثقافية حدائق للتلاقح الثقافي

ماهر سلامة –

الأول نيور – من مِنّا ينظر إلى تنقل النحل بين أزهار النباتات يعرف أن عملية التلقيح هي أحد قوانين الطبيعة التي تحقق الانسجام بين مكونات الطبيعة والإنسان، فللطبيعة قوانينها في التطور والبقاء.

لكن ما زال الإنسان يفتقد في كثير من الاْحيان ثقافة هذه المهارة. هنا حتما لا أتحدث عن التلاقح البيولوجي الذي اكتفى به الإنسان خاصة في بلادنا، بل أتحدث عن التلاقح الفكري والثقافي والمعرفي والحياتي بين افراد الشعب الواحد.

لا بُدّ أن نُقِر أن الإنسان مخلوق مليء بالتحيزات، ويميل الى الانغلاق على أفكاره المزعومة، الشيء الذي يضع المجتمع إزاء تحيزات تصل الى حد الطائفية، سواء طائفية سياسية أو اجتماعية أو دينية.

لقد عمل الإعلام  كما عملت الفنون جميعها ابتداء من الاْغنية مرورا بالمسرح والسينما والاْدب وانتهاء بالشعر على إحداث هذا التلاقح الفكري والثقافي المجتمعي. لكن لضعف الاستمرارية والدعم والوعي لم تحقق الفنون ولا الإعلام آمالهما.

نحن نتكلم عن تلاقح ثقافي بين أفراد الشعب نفسه، لا بين الحضارات، ومع ذلك كانت هذه العملية صعبة ومربكة خاصة في دخول عالم وسائل التواصل الاجتماعي، حيث خرجت الى العلن كل تناقضات المجتمع الفكرية والثقافية.

لم ينتبه أهل الإعلام والثقافة والفكر الى أهمية إحداث هذا التلاقح من خلال أُطر أكثر قربا، لم ينتبه أحد حتى في الإعلام الى تغطية أنشطة أُطر مثل الصالونات الثقافية، التي تتجمع حول قضايا فكرية وثقافية ومجتمعية، بدل التجمع حول حفلات عشاء وغداء يسود كثير منها الاستعراض والنفاق من دون أي معنى حقيقي لمسيرة هذا اللقاء أو ذاك.

ما لفت نظري هو التجربة الرائدة لصالون الدكتورة سهام الخفش، التي تستضيف أهل المعرفة والخبرة لإنارة جوانب العتمة في حياتنا.

لعل من أبرز ما شدني هو انضمام شيخ كبير من اْهل النعيمات الى هذا الصالون المتنوع. لقد أحس أبو خلدون (محمد عواد النعيمات) بضرورة أن يشاركنا جلسات هذا الصالون لينهل من الاْفكار المتداولة بين جلاسه، وليقدم له جانبا كنا نفتقد المعرفة به، جانب تأريخ تشكل العشائر الاْردنية جزءا من الامتداد العربي لهذا النسيج.

كما أن المسألة لن تتوقف هنا، بل سيتم تناول البنى الفكرية والثقافية للبنى العشائرية العربية، بما فيها دور المرأة الحيوي فيها، وثقافة تنشئة الشباب على أساس مفاهيم الفروسية والمروءة والشجاعة والشرف والانتماء، وثقافة حل النزاعات  والمشكلات الاجتماعية.

لعلها تجربة جديدة ومثيرة، تحقق ما تكلمنا عنه من أصول التصالح الثقافي الاجتماعي والتلاقح الفكري، وإعادة الاعتبار الى الموروث الإيجابي الثري لتحقيق اللحمة الاجتماعية بين الريف والصحراء والمدينة.

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

استقالة نضال البطاينة من الأمانة العامة لحزب إرادة لاسباب عائلية وصحية

الأول نيوز – قدم الأمين العام لحزب إرادة نضال البطاينة استقالته اليوم من منصبه كأمين …