سليمان قبيلات –
الأول نيوز – هذا المقاتل أستعيده اليوم ..هو أخي عبدالحافظ الذي رحل في ساعة مبكرة صباح الخميس قبل ست سنوات.
في ذكرى النكسة: عادوا مسربلين بوجع الانكسار
يشير عبد الحافظ العويد إلى تلّة تشبه تلك التي كانت كتيبته ترابط عليها قرب جنين عشية عدوان حزيران 1967، قائلا فيما يشبه الشجن: مرثية هذا الشهر انغرزت في داخلي ولم تبرح مخيلتي فصولها المأساوية، حتى لم يعد ممكنا لملمة الجراحات والأحزان التي طوتنا صفحاتها.
يضيف هذا الجندي ذو الروح الوثابة وهو يخطو نحو عامه الثامن والسبعين: أعتقد أن عرينا في الهزيمة لم يكن وردة شاءت الأقدار أن تزرع في تربة صمّاء، فها هو الشعب الفلسطيني يتشبث بأرضه رغم بؤس الحال، وتكالب الظروف والسياسات عليه، مقاوما للتهجير، فالزمن تغيّر وصارت فلسطين هاجسا وعنوانا دونه الموت أو الهوان.
يستعيد أبو عامر هيئته عائدا إلى قرية مليح جنوب مادبا بعد توقف طبول الحرب بنحو خمسة أيام: كنت أشعث أغبر طويل اللحية، أخذ الجوع مني كل مأخذ. زيي العسكري كان ممزقا وأحمل بندقية “م1” نفد عتادها، وأين لها أن تواجه ما لدى الجندي الإسرائيلي من سلاح متطور.
“وصلت مع مغيب الشمس”، أضاف العويد وهو يسرد صوره بتأن، وقـال بعدما انسابت دمعة على الخــد: كــانت أمي-يرحمها الله- في أقسى حال لامرأة لها ابنان على جبهة اليهود. لم تسكِتْ ظنونَها كلُ التطمينات، فكانت تخاطب السماء والأشياء كلها، ربما بحثا عنا أو عن شيء من كرامة.
وقال وهو يستعيد أسماء الشهداء: من ديرتنا قاتل كثيرون في فلسطين، فأذكر منهم الشهداء سليمان عطية الشخانبة وكان ملازما، ونورس اليعقوب وكان طبيبا، وموسى المنصور وكان جنديا مقاتلا. واجهنا قوات اليهود بكل ما أوتينا من قوة ولم نتراجع إلا تحت قصف الطيران. لقد سوّت إسرائيل بالأرض كل ما كان قائما، لكننا كبدنا جيشها خسائر في المعدات والجنود.
يطهر العويد روحه بلظى فلسطين وأساها العابر للأجيال والحقب، وهو يقول: العدو لم يتغير، وثأرنا مخبوء منذ 1948، ودم شهدائنا حق لن يسقط بالتقادم.
العويد الذي شارك في معارك السموع (1966) وحزيران (1967) ومعركة الكرامة (1968)، يعرف أنها حروب غير متكافئة، لكن أقدار الرجال، كما يحلو له أن يردد “تكون دائما في مواجهة الشدائد”.