من قلد الوسام لمن؟ الهُوية الثقافية للشعوب والدول كنز!

ماهر سلامة –

الأول نيوز  –

في لفتة تضميد جراح الشعب اللبناني التي قام بها الرئيس الفرنسي، بغض النظر إن كان هناك نوايا أخرى لزيارته الى لبنان أم لا، إلا أن زيارته الخاصة إلى الفنانة فيروز في منزلها قد كانت تصب في ملء حالة الفراغ الروحية في لبنان بعد ذلك الانفجار اللعين الذي أصاب ليس لبنان فحسب بل كل ضمير إنساني على الاْرض.

في الحقيقة كانت الزيارة موجهة إلى الضمير اللبناني، وكأن ماكرون يقول: تذكروا أن بيروت ست الدنيا، وأن لبنان بضيَعِه وأرزِه وثقافته ومغْناه وشِعره باق برغم التفجيرات كلها.

أن ينتقي رئيس دولة أوروبية – يعاني المصاعب في بلاده أيضا – هذا التوقيت له دلالات كثيرة، لعل أهمها أن يقول للفرنسيين أنا استحق احترامكم، وفي هذه الحالة تكون في الحقيقة فيروز هي من قلدته هذا الوسام أمام شعبه.

كانت فيروز لماكرون كفّة الميزان الاْخرى، الدولة اللبنانية ومصائبها كفّة، وفيروز كفة الميزان الحضاري الأخرى، والثقافي من جهة أخرى.

يقول علماء التسويق إن الهُوية الثقافية الوطنية لاْي بلد هي القادرة فقط على ترويج منتجاته وسمعته ومحبته، فمن منا سيقتني سيارة مرسيدس تصنيع الصومال مثلا؟ والمنتَج الثقافي هو تماما كالمنتَج التجاري، ففيروز وغيرها من أهل الفن اللبناني قد غنوا مرارا على مسارح الحضارات الاْخرى، واصبح لبعضهم اسماء معروفة سواء في السينما أو الموسيقى، تستقطب جماهير من شعوب أخرى.

ليس هناك أي أجنبي قابلته لا يعرف من هي أم كلثوم، فالمثقف من أي حضارة يتفقد توجهات الناس الثقافية من خلال الفنون، ويلحظ كيف يذهب الناس الى المسارح أو حفلات الغناء للتعرف إلى قدرة هذا الفنان أو ذاك. فالسعي المعرفي للحضارات الاْخرى دراسة لموسيقى الشعوب ليتعرف إليهم أكثر.

وهذا ما يخلق هُوية الشعوب الثقافية، التي تبرمج العقل الباطن للآخر، لكل من يود التعامل مع هذا الشعب أو ذاك، فالمستقبِلات في هذه الحالة مهيئة والانطباع الاْولي ثري يمكن استثماره لتطوير وتجسير العلاقات الإنسانية مع الشعوب الاْخرى، لتعارفوا…

من منا لم تصبه رعشة انفجار بيروت، من منا لم يُصدق ولم يستوعب ما حدث في بيروت التي شعرنا كأنها عاصمتنا، من منا لم يغضب على النَّيْل من أية عاصمة عربية وأهمها عاصمة الثقافة والفنون والغناء، عاصمة الرشيد بغداد.

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

نظرة إلى صلابة المملكة وصمودها

الأول نيوز – الدكتور أحمد ناصر الطهاروه – لطالما كان الأردن، هذه المملكة الهاشمية الصغيرة …